من يتحدث معه ، كما فعل ابن عمر ، وذلك أنه كان يتحدث مع رجل ، فجاء آخر يريد أن يناجيه ، فلم يناجيه حتى دعا رابعا ، فقال له وللأول : تأخرا ، وناجى الرجل الطالب للمناجاة (١). ويستوي في ذلك كل الأعداد ، فلا يتناجى أربعة دون واحد ولا عشرة ولا ألف مثلا ، لوجود ذلك المعنى في حقه ، بل وجوده في العدد الكثير أوقع ، فيكون بالمنع أولى ، وإنما خص الثلاثة بالذكر ، لأنه أول عدد يتأتى ذلك المعنى فيه. وظاهر الحديث يعم جميع الأزمان والأحوال ، وإليه ذهب الجمهور ، وسواء أكان التناجي في مندوب أم مباح أم واجب ، فإن الإساءة تشمله (٢).
أدب المجالسة في الإسلام
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١))
البلاغة :
(يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ، وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) الجملة الأخيرة عطف خاص على عام تنويها بشرف العلماء ، مع أنهم داخلون في المؤمنين.
المفردات اللغوية :
(تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ) توسعوا فيها ، وليفسح بعضكم عن بعض ، يقال : افسح عني ، أي
__________________
(١) أخرجه الموطأ.
(٢) تفسير القرطبي : ١٧ / ٢٩٥