(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) أنث (بَصِيرَةٌ) إما لأن الهاء فيه للمبالغة ، كعلّامة ونسّابة وراوية ، أو لحمل الإنسان على النفس ، فلذلك أنث (بَصِيرَةٌ) أو لحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، أي عين بصيرة.
البلاغة :
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) استفهام إنكاري للتوبيخ والتقريع.
(يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) الاستفهام بغرض استبعاد الأمر وإنكاره.
(فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ ، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) توافق الفواصل المسمى بالسجع المرصّع.
(قَدَّمَ وَأَخَّرَ) بينهما طباق.
المفردات اللغوية :
(لا أُقْسِمُ) أي أقسم ، ولا : زائدة في الموضعين ، وتزيد العرب كلمة (لا) للتأكيد ، وذلك أن المقسم عليه إذا كان منتفيا ، جاز الإتيان ب (لا) قبل القسم ، لتأكيد النفي ، والمقسم عليه هنا : هو إثبات المعاد ، والرد على الجهلة المعاندين القائلين بعدم بعث الأجساد. ويرى قوم أن (لا) ردّ لكلام سابق متقدم وجواب له ، فالعرب لما أنكروا البعث ، قيل لهم : ليس الأمر كما زعمتم ، وأقسم أن البعث حق لا ريب فيه. وقرئ لأقسم بغير ألف بعد اللام ، وجواب القسم محذوف ، أي لتبعثن ، دل عليه ما بعده : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ). (بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) هي التي تلوم نفسها ، وإن اجتهدت في الطاعة والإحسان ، والمراد بهذا القسم تعظيم يوم القيامة ، والتنويه بالنفس الطامحة إلى الدرجة الأرقى. (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ) المراد به الجنس ، وإسناد الفعل إليهم ؛ لأن بعضهم يحسب ، أو المراد من كان سبب النزول ، وهو عدي بن أبي ربيعة ، سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أمر القيامة ، فأخبره به ، فقال : لو عاينت ذلك اليوم لم أصدّقك ، أو يجمع الله هذه العظام؟ (أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) للبعث والإحياء بعد تفرقها.
(بَلى) نجمعها. (قادِرِينَ) مع جمعها. (عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) أصابعه ، أي نعيد عظامها كما كانت ، ونضم بعضها إلى بعض كما هي ، مع صغرها ولطافتها ، فكيف بكبار العظام؟ (لِيَفْجُرَ أَمامَهُ) ليدوم على فجوره في مستقبل الزمان. (أَيَّانَ) متى ، وهو سؤال استهزاء وتكذيب. (بَرِقَ الْبَصَرُ) دهش وتحير لما رأى ما كان يكذبه ، وقرئ برق بفتح الراء. (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) أظلم وذهب ضوءه. (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) ذهب ضوءهما في يوم القيامة ، ولا يتنافى ذلك مع الخسوف ، فإنه مستعار للمحاق.