الثواب على ظهر الأرض فلا تزول ، العاليات ، والماء الفرات الذي هو الغاية في العذوبة.
وأعقب التذكير بهذه النعم في الآفاق في آخر الآية : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) لأن النعم كما تقدم كلما كانت أكثر ، كانت الجناية أقبح ، فكان استحقاق الذم عاجلا ، والعقاب آجلا أشدّ ، كما قال الرازي.
هذا وقد استنبط العلماء من آية (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) حكمين (١) :
الأول ـ إذا كانت الأرض ضامّة تضم الأحياء على ظهورها ، والأموات في بطنها فهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه ، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه.
والثاني ـ روي عن ربيعة في النبّاش (سارق أكفان الموتى) قال : تقطع يده ، فقيل له : لم قلت ذلك؟ قال : إن الله عزوجل يقول : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً ، أَحْياءً وَأَمْواتاً) فالأرض حرز. وكانوا يسمّون بقيع الغرقد في المدينة كفتة ؛ لأنه مقبرة تضم الموتى ، فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم ، والأموات في قبورهم. وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض ، ثم اضطجاعهم عليها ، انضمام منهم إليها.
وكذلك استدل الشافعية بالآية على قطع النباش : بأن الله تعالى جعل الأرض كفاتا للأموات ، فكان بطنها حرزا لهم ، فالنباش سارق من الحرز. هذا .. وأما بقية أنواع تخويف الكفار وتهديدهم ، فمحلها الآيات الآتية.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٦١