(فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ حَمِيمٌ) اسم ليس ، وخبرها الجار والمجرور ، وهو (لَهُ). ولا يجوز أن يكون (الْيَوْمَ) هو الخبر ؛ لأن (حَمِيمٌ) جثة ، واليوم ظرف زمان ، وظروف الزمان لا تكون أخبارا عن الجثث ، وإنما تدل على وجود حدث بعدها.
البلاغة :
(خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) توافق الفواصل ، مراعاة لرؤوس الآيات ، ويسمى في علم البديع كما تقدم السجع المرصّع.
المفردات اللغوية :
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ) يقول لما يرى من قبح العمل وسوء العاقبة. (يا لَيْتَها) يا ليت الموتة التي متها في الدنيا. (كانَتِ الْقاضِيَةَ) القاطعة لأمري وحياتي ، فلم أبعث بعدها. (مالِيَهْ) مالي من المال. (سُلْطانِيَهْ) حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا ، أو ملكي وسلطاني على الناس.
(خُذُوهُ) خطاب لخزنة جهنم. (فَغُلُّوهُ) شدّوه في الأغلال ، واجمعوا يديه إلى عنقه في الغلّ : وهو ما يكبل به الأسير أو المتهم من القيود والسلاسل. (الْجَحِيمَ) النار المحرقة. (صَلُّوهُ) أدخلوه وأوردوه إياها ، يصلى نارها ويحترق بها. (ذَرْعُها) طولها. (سَبْعُونَ ذِراعاً) المراد أنها سلسلة طويلة ، والمراد ذراع الملك. (فَاسْلُكُوهُ) أدخلوه فيها بعد إدخاله في النار ، بأن تلفّوها على جسده كيلا يتحرك فيها. وتقديم الجحيم والسلسلة للدلالة على التخصيص ، والاهتمام بذكر أنواع ما يعذب به ، وكلمة (ثُمَ) لتفاوت ما بينهما في الشدة.
(إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ) تعليل على طريقة الاستئناف للمبالغة ، وذكر صفة (الْعَظِيمِ) للإشعار بأنه هو المستحق للعظمة ، فيجب الإيمان به. (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) لا يحث على إطعامه ، فضلا عن أن يبذل من ماله. (حَمِيمٌ) قريب مشفق يحميه أو صديق ينتفع به. (غِسْلِينٍ) صديد أهل النار وما يسيل منهم من قيح أو دم. (الْخاطِؤُنَ) الآثمون ، أصحاب الخطايا ، من خطئ الرجل : إذا تعمد الذنب ، لا من الخطأ المضاد للصواب.
المناسبة :
بعد بيان حال السعداء في معايشهم وسكناهم في الجنة ، بيّن الله تعالى للموازنة والمقارنة والعبرة حال الأشقياء الكفار في الآخرة ، وتعرضهم لألوان