الأول المبنيّ على السكون ، وقدمته لأنه الأصل ، والثاني المبنيّ على السكون أو نائبه المذكور في الباب السابق ، وثنّيت به لأنه شبيه بالسكون في الخفة ، والثالث المبنيّ على الفتح وقدمته على المبنيّ على الكسر لأنه أخفّ منه ، والرابع المبنيّ على الفتح أو نائبه المذكور في الباب السابق ، والخامس المبنيّ على الكسر ، وقدمته على المبنيّ على الضم لأنه أخفّ منه ، والسادس المبنيّ على الكسر أو نائبه المذكور في الباب السابق (١) ، والسابع المبنيّ على الضم ، والثامن المبنيّ على الضم أو نائبه ، والتاسع ما ليس له قاعدة مستقرة ، بل منه ما يبنى على السكون ، وما يبنى على الفتح ، وما يبنى على الكسر ، وما يبنى على الضم ، وسأشرحها مفصلة إن شاء الله تعالى شرحا يزيل عنها خفاءها.
الباب الأول : ما لزم البناء على السكون ، وهو نوعان :
أحدهما : المضارع المتصل بنون الإناث (٢) ، كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ
__________________
ـ الأول : لم كان بناؤه على حركة؟ فيقال في الجواب : للتخلص من التقاء الساكنين ، مثلا ، والسؤال الثاني : لم كانت الحركة خصوص الفتحة؟ فيقال في الجواب : لأن الفتحة أخف الحركات ، مثلا ، والفعل المبني على السكون لا يسأل ـ على مذهب البصريين ـ عن علة بنائه ، ولا عن علة كون بنائه على السكون ، والفعل المبني على حركة يسأل عنه سؤالان : لم كان البناء على حركة؟ ولم كانت الحركة خصوص الفتحة ، مثلا ، وسنتعرض في كل باب من أبواب البناء لذلك.
(١) هذا النوع لا وجود له ، ولم يشرحه المؤلف ؛ فذكره هنا من باب تتميم مقتضى القسمة العقلية.
(٢) قد علمت أن البصريين لا يسألون في هذا النوع عن علة البناء لأن البناء أصل في الأفعال عندهم ، ولا يسألون عن علة كون البناء في هذا النوع على السكون لأن أصل البناء أن يكون على السكون ، فأما الكوفيون فيسألون : لم بني الفعل المضارع المتصل بنون النسوة؟ ولم كان البناء على السكون؟ والجواب على هذين السؤالين أنه حمل على الفعل الماضي الذي هو أول الأفعال ، فكما تقول «النسوة أرضعن أولادهن» تقول «النسوة يرضعن أولادهن».
لكن يمكن أن يسأل ـ على مذهب البصريين ـ فيقال : إن المضارع عندكم معرب لكونه أشبه الاسم في عدة وجوه من أوجه الشبه ، ومنها توارد المعاني المختلفة عليه ، فلم لم يجر المضارع المتصل بنون النسوة مجرى غيره فيعرب؟ والجواب عن ذلك أن اتصال النون به باعد شبهه بالاسم بسبب كون هذه النون مختصة بالفعل ، فكما أن الإضافة علة معارضة للبناء في الاسم يكون لحاق نون النسوة علة معارضة للإعراب في الفعل المضارع ، فيرجع به حينئذ إلى ما هو الأصل في الفعل وهو البناء.