إذ المراد : وبعض القوم يسقط وسطا ، والحقيقة : ما يجب على الإنسان أن يحميه من الأهل والعشيرة ، يقال : رجل حامي الحقيقة ، أي : أنه شهم لا يضام.
والنوع الخامس : ما ركّب تركيب خمسة عشر من الأحوال ، يقولون : فلان جاري بيت بيت ، وأصله بيتا لبيت : أي ملاصقا (١) ، فحذف الجار وهو اللام ، وركب الاسمان ، وعامل الحال ما في قوله «جاري» من معنى الفعل ، فإنه في معنى مجاوري ، وجوّزوا أن يكون الجارّ المقدّر «إلى» وأن لا يقدر جارّ أصلا بل فاء العطف.
وقالت العرب أيضا «تساقطوا أخول أخول» أي متفرّقين ، وهو بالخاء المعجمة ،
______________________________________________________
يا ذا المخوّفنا بقتل أبيه إذلالا وحينا
وقد استشهد بالبيت الشاهد صاحب المفصل.
اللّغة : «حقيقتنا» ما يجب على الرجل أن يحميه ، ويدافع عنه ، ويبذل نفسه في سبيل المحافظة عليه ، كالنفس والعرض والمال.
الإعراب : «نحمي» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن ، «حقيقتنا» حقيقة : مفعول به لنحمي ، وحقيقة مضاف والضمير مضاف إليه ، «وبعض» مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة ، وهو مضاف ، و «القوم» مضاف إليه ، «يسقط» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بعض القوم ، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ ، «بين بينا» ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في يسقط ، والتقدير : بعض القوم يسقط (هو) متوسطا : أي واقعا في وسط المعركة ، وهذا الظرف مبني على فتح الجزأين في محل نصب.
الشّاهد فيه : قوله «بين بينا» حيث ركب الظرفين معا ، وجعلهما بمنزلة اسم واحد فبناهما على فتح الجزأين ؛ لكونه أراد بهما معا الظرفية ، ولو لم يرد ذلك لوجب عليه أن يعربهما ويضيف الأول إلى الثاني ، قال صاحب المفصل : «والذي يفصل بين الضربين أن ما تضمن ثانيه معنى حرف ، بني شطراه ، لوجود علة البناء فيهما ، وما خلا من التضمن أعرب» اه ، وقد بين لك المؤلف ههنا أن الأصل في ذلك «بين هؤلاء وبين هؤلاء» فأزيلت الإضافة ، وركب الاسمان ، وهما ـ حين ركبا ـ على معنى واو العطف.
__________________
(١) وقالوا أيضا «ذهب القوم شغر بغر» بفتحات وبكسر أول الكلمتين وفتح ثانيهما ، وقالوا «ذهب القوم جذع مذع» بكسر أول الكلمتين وفتح ثانيهما ، وبنائهما على فتح الجزأين ، ومعنى العبارتين : ذهبوا متفرقين في كل وجه.