والثاني كقوله تعالى : (لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ)(١) في قراءة من رفعهما. ولا يجوز لك إذا رفعت الأول أن تنصب الثاني.
ثم قلت : أو الكسر ، وهو خمسة : العلم المختوم بويه كسيبويه ، والجرميّ يجيز منع صرفه ، وفعال للأمر كنزال ودراك ، وبنو أسد تفتحه ، وفعال سبّا للمؤنث كفساق وخباث ، ويختضّ هذا بالنداء ، وينقاس هو ونحو نزال من كلّ فعل ثلاثيّ تامّ ، وفعال علما لمؤنّث كحذام في لغة أهل الحجاز ، وكذلك «أمس» عندهم إذا أريد به معيّن ، وأكثر بني تميم يوافقهم في نحو سفار ووبار مطلقا ، وفي أمس في الجرّ والنّصب ، ويمنع الصّرف في الباقي.
وأقول : الباب الخامس من المبنيات : ما لزم البناء على الكسر ، وهو خمسة أنواع :
النوع الأول : العلم المختوم بويه كسيبويه وعمرويه ونفطويه وراهويه ونحو ذلك ؛ فليس فيهن إلا الكسر ، وهو قول سيبويه والجمهور ، وزعم أبو عمر الجرمي أنه يجوز فيهن ذلك ، والإعراب إعراب ما لا ينصرف (٢).
______________________________________________________
فعل وفاعل جملتهما لا محل لها صلة الموصول ، «به» جار ومجرور متعلق بفاه ، «أبدا» ظرف منصوب على الظرفية الزمانية ، والعامل فيه هو قوله فاهوا أو قوله مقيم الآتي ، «مقيم» خبر المبتدأ الذي هو الاسم الموصول.
__________________
(١) البقرة ، ٢٥٤ ، ورفع الاسمين فيها قراءة حمزة والكسائي ونافع وابن عامر وعاصم ، وقرأ أبو عمرو وابن كثير بالفتح في الكلمتين.
(٢) من أمثلة هذا النوع : خالويه ، ودرستويه ، وخمارويه ، وحمدويه ، واللغة المشهورة فيه بناؤه على الكسر كما هو مختار سيبويه ، وسبب بنائه عنده شبهه بأسماء الأصوات ، وكان بناؤه على حركة ـ مع أن أصل البناء أن يكون على السكون ـ لسببين : أولهما قصد التخلص من التقاء الساكنين لأن الياء التي قبل الآخر ساكنة ، والسبب الثاني أن يعلم أن له أصلا في الإعراب ، وكانت الحركة التي بني عليها هي الكسرة لأن الكسر هو الأصل في التخلص من التقاء الساكنين.
وفي هذا النوع لغة أخرى ذكرها الجرمي ، وهي أنه يعرب إعراب ما لا ينصرف : بالضمة رفعا ، وبالفتحة نصبا وجرا ، وسبب منعه من الصرف العلمية والتركيب.