النوع الثاني : ما كان اسما للفعل ، وهو على وزن فعال ، وذلك مثل نزال (١) بمعنى انزل ، ودراك بمعنى أدرك ، وتراك بمعنى اترك ، وحذار بمعنى احذر ، قال الشاعر :
٣٤ ـ * حذار من أرماحنا حذار*
______________________________________________________
الشّاهد فيه : قوله «فلا لغو ولا تأثيم» حيث رفع الاسم الواقع بعد لا الأولى على أن لا مهملة ، وفتح الاسم الواقع بعد لا الثانية على أنها نافية للجنس عاملة عمل إن ، على ما أوضحناه في الإعراب ، ويجوز أن يكون رفع ما بعد لا الأولى على أن لا عاملة عمل ليس والمرفوع اسمها.
٣٤ ـ هذا بيت من الرجز المشطور من كلام أبي النجم الفضل بن قدامة العجلي ، وهو من شواهد سيبويه (ج ٢ ص ٣٧).
الإعراب : «حذار» اسم فعل أمر بمعنى احذر ، مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، «من» حرف جر ، «أرماحنا» أرماح : مجرور بمن ، والجار والمجرور متعلق بحذار ، وأرماح مضاف وضمير المتكلم المعظم نفسه أو المتحدث عن نفسه وغيره مضاف إليه ، مبني على السكون في محل جر ، «حذار» اسم فعل أمر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت هو فاعله ، وجملة اسم الفعل مع فاعله مؤكدة لجملة اسم الفعل السابق مع فاعله.
الشّاهد فيه : قوله «حذار» في الموضعين ، حيث بنى من مصدر الفعل الثلاثي التام الذي هو «حذر يحذر» اسما على وزن فعال ـ بفتح الفاء والعين ـ واستعمله بمعنى فعل الأمر الذي هو احذر ، وبناه على الكسر ، قال الأعلم : «الشاهد في قوله حذار ، وهو اسم لفعل الأمر الواقع موقعه ، وكان حقه السكون ؛ لأن فعل الأمر ساكن ، إلا أنه حرك لالتقاء الساكنين ، وخص بالكسر لأنه اسم مؤنث ،
__________________
(١) إنما بني هذا النوع لأنه أشبه الحرف شبها استعماليّا ، ومعنى ذلك أنها تنوب عن الفعل في الدلالة على المعنى ولا تدخل عليها العوامل فتؤثر فيها ، فهي دائما عاملة في غيرها وليست معمولة لغيرها أصلا ، ألا ترى أنك لو قلت «تراك فعل القبيح» كان تراك قائما مقام اترك في المعنى ، وكان عاملا في فاعل هو ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، وفي مفعول به ـ وهو قولك فعل القبيح ـ ولم يكن «تراك» معمولا لشيء ، ولهذا تقول في إعرابه : مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ، والحرف هكذا في الاستعمال ينوب عن الفعل في الدلالة على المعنى وفي أنه يعمل في غيره ولا يعمل فيه غيره ، فلو قلت مثلا «كأن الفتاة بدر» كانت «كأن» دالة على معنى أشبه ، وكانت عاملة النصب في الاسم الأول ، والرفع في الاسم الثاني ولم يكن شيء ما عاملا فيها ، فلما أشبه اسم الفعل مثل نزال الحرف هذا الشبه أخذ حكمه وهو البناء ، وكان بناء هذا النوع منه على حركة تخلصا من التقاء الساكنين ، وكانت الحركة هي الكسرة لأنها الأصل في التخلص المذكور.