ترجمة العلامة الراحل
محمد محيى الدين عبد الحميد
شيخ العلماء المحققين عفا الله تعالى عنه!
[٢٨ من جمادى الأولى سنة ١٣١٨ ـ ٢٤ من ذي القعدة سنة ١٣٩٢ من الهجرة]
[٢٣ من سبتمبر سنة ١٩٠٠ ـ ٣٠ من ديسمبر سنة ١٩٧٢ من الميلاد]
«لقد قيل في الطبري : إنه كان كالقارئ الذي لا يعرف إلا القرآن ، وكالمحدث الذي لا يعرف إلا الحديث ، وكالفقيه الذي لا يعرف إلّا الفقه ، وكالنحوي الذي لا يعرف إلا النحو ، وكالحاسب الذي لا يعرف إلا الحساب ، وكذا يقال في الشيخ محيى الدين : إنه كالنحوي الذي لا يعرف إلا النحو ، وكالفقيه الذي لا يعرف إلا الفقه ، وكالمحدث الذي لا يعرف إلا الحديث ، وكالمتكلم الذي لا يعرف إلا الكلام ، وآية ذلك ما ألّفه وأخرجه من الكتب في هذه الفنون».
العلامة محمد على النجار
عضو مجمع اللغة العربية
«كان محيى الدين نزّاعا للعلم شغوفا به منذ نشأته الأولى ، إذ تربّي في بيت فقه وقضاء ؛ لأن والده الشيخ عبد الحميد إبراهيم كان من رجال القضاء والفتيا وله صلات قوية بزملائه ، والصفوة من علماء بيئته ، فكانوا يجتمعون لديه في منزله ، وقد ترعرع الطفل الناشئ ليسمع آيات القرآن ، وأحاديث الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ومسائل العلم في نقاش الزائرين ، ويلحظ لوالده من الهيبة والمكانة ما دفع به إلى محاكاته ، حتى إذا بلغ دور الصّبا دفع به والده إلى معهد دمياط الديني ليرتشف من معينه ، إذ كان والده قاضيا بمحكمة فارسكور ، ثم انتقل إلى القاهرة مفتيا دينيّا لوزارة الأوقاف ، فانتقل معه إلى الجامع الأزهر ، وأكبر ما يدل على ألمعية الطالب وظهور هلاله مبشّرا بما سيعقبه من إبدار ، أن طمح للتأليف العلمي وهو في ساحة الدرس قبل أن يظفر بدرجة العالمية سنة ١٩٢٥ م ، إذ أقدم على عمل جادّ مثمر هو شرح مقامات الهمذاني ، ومؤلف الشرح ومحقق النص في هذا المقتبل من الشباب لا بدّ أن يكون بعيد الطموح ، واسع الأمل ، ولا بد أن يكون قد وعى من مسائل اللغة والأدب والتاريخ العربي ما سمح له بالإتقان ، بل لا بدّ أن يكون قد وجد من والده منذ نشأته الأولى في القسم الابتدائي حثّا على الدأب في المذاكرة ، ومواصلة التوجيه ، وقوة التتبع حتى بلغ الطالب أشده واستوى على سوقه ، وقد اعترف لوالده بواجب البرّ حين جعل إهداء الشرح لوالده ، وحين قال في ذلك الإهداء :