وقرئ (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم ، ٤] بالخفض والتنوين ، على إرادة التنكير وقطع النظر عن المضاف إليه : أي لفظا ومعنى ، وقرأ الجحدري (١) والعقيلي بالجر من غير تنوين ، على إرادة المضاف إليه وتقدير وجوده.
النوع الثاني : ما ألحق بقبل وبعد من قولهم «قبضت عشرة ليس غير» والأصل ليس المقبوض غير ذلك ؛ فأضمر اسم «ليس» فيها وحذف ما أضيف إليه «غير» وبنيت «غير» على الضم ، تشبيها لها بقبل وبعد ، لإبهامها ، ويحتمل أن التقدير : ليس غير ذلك مقبوضا ، ثم حذف خبر «ليس» وما أضيفت إليه «غير» وتكون الضمّة على هذا ضمة إعراب ، والوجه الأول أولى ؛ لأن فيه تقليلا للحذف ، ولأن الخبر في باب «كان» يضعف حذفه جدا.
ولا يجوز حذف ما أضيفت إليه «غير» إلا بعد «ليس» فقط ، كما مثلنا ، وأما ما يقع في عبارات العلماء من قولهم «لا غير» فلم تتكلم به العرب ، فإما أنهم قاسوا «لا» على «ليس» أو قالوا ذلك سهوا عن شرط المسألة (٢).
النوع الثالث : ما ألحق بقبل وبعد من «عل» المراد به معيّن ، كقولك : أخذت الشيء الفلانيّ من أسفل [الدار] والشيء الفلانيّ من عل : أي من فوق الدار ، قال الشاعر :
٤٩ ـ ولقد سددت عليك كلّ ثنيّة |
|
وأتيت فوق بني كليب من عل |
______________________________________________________
لو نواه لوجب أن يمتنع من تنوين هذه الكلمة ؛ لأن الإضافة تمنع التنوين ، والمنوي كالثابت تماما ، ودل نصبه إياها على أنه لم يبنها ؛ لأن البناء في هذه الكلمة إنما يكون على الضم.
٤٩ ـ هذا بيت من الكامل ، وهو من كلام الفرزدق يهجو فيه جريرا ، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٣٤٩).
__________________
(١) الجحدري ـ بضم الجيم والدال المهملة ـ هو عاصم ، وهو أحد القراء السبعة ، لكن هذه القراءة غير المشهورة عنه ؛ فليست من القراءات السبع ؛ فهي قراءة شاذة.
(٢) قد ورد هذا الاستعمال الذي أنكره المؤلف في قول الشاعر :
جوابا به تنجو اعتمد فوربنا |
|
لعن عمل أسلفت لا غير تسأل |