ثم قلت : باب ـ الاسم نكرة وهو : ما يقبل ربّ.
وأقول : ينقسم الاسم ـ بحسب التنكير والتعريف ـ إلى قسمين : نكرة وهو الأصل ، ولهذا قدّمته ، ومعرفة ، وهو الفرع ، ولهذا أخّرته.
وعلامة النكرة : أن تقبل دخول «ربّ» عليها ، نحو رجل وغلام ، تقول «ربّ رجل» و «ربّ غلام» ، وبهذا استدلّ على أن «من» و «ما» قد يقعان نكرتين ، كقوله :
٦٣ ـ ربّ من أنضجت غيظا قلبه |
|
قد تمنّى لي موتا لم يطع |
______________________________________________________
وقد أجاز الكسائي إضافة حيث إلى المفرد واستدل بهذا الشاهد ، وبقول الآخر.
ونطعنهم حيث الكلى بعد ضربهم |
|
ببيض المواضي حيث ليّ العمائم |
ونحوهما ؛ ومن العلماء من روى بيت الشاهد على وجه غير الذي رواه المؤلف عليه ، تبعا للكسائي : فرواه «حيث سهيل طالع» على أن قوله «سهيل» مبتدأ ، وقوله «طالع» خبره ، وحيث مضاف إلى جملة المبتدأ وخبره ، ولكن نصب المصراع الثاني يبعد هذه الرواية ، فافهم ذلك والله يرشدك.
٦٣ ـ هذا بيت من بحر الرمل ، وهو من كلام سويد بن أبي كاهل بن حارثة اليشكري من قصيدة له رواها صاحب المفضليات ، وهو من شواهد الأشموني (رقم ٩٣) ومطلع القصيدة قوله :
بسطت رابعة الحبل لنا |
|
فوصلنا الحبل منها ما اتّسع |
حرّة تجلو شتيتا واضحا |
|
كشعاع البرق في الغيم سطع |
اللّغة : «رابعة» اسم امرأة «الحبل» أراد المودة والمحبة ، وبسطها أراد به أنها أقامت مودتها على خير حال يأملها ؛ لأن الذي يمد لك الحبل يجري على هواك ويوافق رغبتك ، «ما اتسع» ما : هي المصدرية الظرفية ، وأراد مدة استقامة أمر ودادها ، «حرة» يريد هي حرة ، «شتيتا» أراد به ثغرا مفلج الأسنان في حسن ، «أنضجت» هو كناية عن نهاية الكمد الذي يحدثه في قلبه ، أو هو استعارة ، شبه تحسير القلب وإكماده بإنضاج اللحم الذي يؤكل.
الإعراب : «رب» حرف جر شبيه بالزائد ، «من» نكرة بمعنى إنسان مبتدأ ، مبني على السكون ، وله محلان أحدهما جر برب والثاني رفع بالابتداء ، «أنضجت» فعل وفاعل ، «غيظا» تمييز محول عن المفعول ، أو مفعول لأجله ، «قلبه» قلب : مفعول به لأنضج ، وقلب مضاف والضمير مضاف إليه ، والجملة في محل جر أو في محل رفع صفة لمن ، «قد» حرف تحقيق ، «تمنى» فعل ماض