فدخلت «ربّ» عليهما ، ولا تدخل إلّا على النكرات ، فعلم أن المعنى ربّ شخص أنضجت قلبه غيظا ، وربّ شيء من الأمور تكرهه النفوس.
فإن قلت : فإنك تقول : «ربّه رجلا» وقال الشاعر :
٦٥ ـ ربّه فتية دعوت إلى ما |
|
يورث المجد دائبا فأجابوا |
______________________________________________________
في قوة النكرة ، «كحل» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لفرجة ، وحل مضاف ، و «العقال» مضاف إليه.
الشّاهد فيه : قوله «ربما» حيث استعمل «ما» نكرة موصوفة ؛ بدليل دخول «رب» عليها ؛ لأن رب لا يكون مجرورها إلا نكرة ، ولا يجوز لك أن تزعم أن «ما» في هذا الشاهد حرف يكف رب عن جر ما بعده ، لأنه اسم ألبتة ؛ بدليل عود الضمير عليه في قوله «له» كما أنه يعود عليه ضمير منصوب بتكره ، وقد علمت أن الضمير لا يعود إلا على الاسم.
٦٥ ـ هذا بيت من الخفيف ، ولم أجد من نسب هذا الشاهد إلى قائل معين ، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٢٩٣).
اللّغة : «فتية» جمع فتى ، «دائبا» ملحّا ، وهو اسم فاعل من قولهم : دأب على الأمر يدأب دأبا ـ بفتح الدال والهمزة ـ ودؤوبا ، إذا لزمه وثابر على فعله.
الإعراب : «ربه» رب : حرف جر شبيه بالزائد ، والضمير في محل جر بربّ ، وفي محل رفع بالابتداء ، «فتية» تمييز للضمير ، منصوب بالفتحة الظاهرة ، «دعوت» فعل وفاعل والجملة في محل رفع خبر المبتدأ ، «إلى» حرف جر «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بإلى ، والجار والمجرور متعلق بدعا ، «يورث» فعل مضارع ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى «ما» وهو فاعل ، «المجد» مفعول به ليورث ، والجملة من الفعل المضارع وفاعله المستتر فيه ومفعوله لا محل لها صلة الموصول ، «فأجابوا» الفاء عاطفة ، أجابوا : فعل وفاعل ، والجملة في محل رفع معطوفة بالفاء على جملة دعوت.
الشّاهد فيه : قوله «ربه فتية» حيث دخلت رب على الضمير ؛ فدل ظاهر ذلك على أن قولنا «إن رب لا تجر إلا النكرات» غير صحيح ، لأن الضمير معرفة ، بل هو أعرف المعارف ، وقد دخلت عليه رب.
وقد أجاب المؤلف عن هذا الاعتراض بأن الضمير ههنا ليس معرفة ، فضلا على أن يكون أعرف المعارف ، وإنما هو نكرة ، والدليل على ذلك أنه عائد إلى نكرة وهي قوله فتية ، والضمير إذا عاد إلى نكرة فهو نكرة.