والضمير معرفة ، وقد دخلت عليه ربّ ؛ فبطل القول بأنها لا تدخل إلّا على النكرات.
قلت : لا نسلم أن الضمير فيما أوردته معرفة ، بل هو نكرة ؛ وذلك لأن الضمير في المثال والبيت راجع إلى ما بعده : من قولك «رجلا» وقول الشاعر «فتية» وهما نكرتان.
وقد اختلف النحويون في الضمير الراجع إلى النكرة : هل هو نكرة أو معرفة؟ على مذاهب ثلاثة :
أحدها : أنه نكرة مطلقا.
والثاني : أنه معرفة مطلقا.
والثالث : أن النكرة التي يرجع إليها ذلك الضمير إما أن تكون واجبة التنكير أو جائزته ، فإذا كانت واجبة التنكير كما في المثال والبيت فالضمير نكرة ، وإن كانت جائزته ؛ كما في قولك «جاءني رجل فأكرمته» فالضمير معرفة ، وإنما كانت النكرة في المثال والبيت واجبة التنكير لأنها تمييز ، والتمييز لا يكون إلا نكرة ، وإنما كانت في قولك «جاءني رجل فأكرمته» جائزة التنكير لأنها فاعل ، والفاعل لا يجب أن يكون نكرة ، بل يجوز أن يكون نكرة وأن يكون معرفة ، تقول : «جاءني رجل» و «جاءني زيد».
______________________________________________________
وهذا الذي اختاره المؤلف ههنا ـ من أن الضمير في هذا الموضع نكرة لعوده على نكرة ـ ليس هو ما رجحه ابن مالك ، ولا هو مذهب البصريين الذي اعتاد العلماء أن ينصروه ، والراجح عندهم تسليم أن هذا الضمير معرفة ، وادعاء أن دخول رب على الضمير شاذ لا يقاس عليه ، وهذا هو الذي ذكره ابن مالك في الخلاصة بقوله :
وما رووا من نحو «ربّه فتى» |
|
نزر ، كذاكها ونحوه أتى |
والقول بأن الضمير الذي يعود إلى نكرة يكون نكرة ، والضمير الذي يعود إلى معرفة يكون معرفة هو قول جمهور الكوفيين.
وقد استوفى المؤلف ذكر مذاهب النحاة في هذه المسألة ـ وإن كان لم يذكر أدلة فريق منهم ـ فلا حاجة بنا إلى أن نذكر لك شيئا عنها ، وبخاصة إذا كان مبنى هذا الشرح على الإيجاز.