ثم قلت : ومعرفة ، وهي ستّة : أحدها المضمر ، وهو : ما دلّ على متكلّم أو مخاطب أو غائب.
وأقول : أنواع المعارف ستة :
أحدها : المضمر ، ويسمى «الضّمير» أيضا ، ويسمّيه الكوفيون : الكناية ، والمكنيّ ، وإنما بدأت به لأنه أعرف الأنواع الستة على الصحيح.
وهو عبارة : عما دل على متكلم نحو أنا ونحن ، أو مخاطب نحو أنت وأنتما ، أو غائب نحو هو وهما.
وإنما سمي مضمرا من قولهم «أضمرت الشيء» إذا سترته وأخفيته ، ومنه قولهم «أضمرت الشيء في نفسي» أو من الضّمور وهو الهزال ؛ لأنه في الغالب قليل الحروف ، ثم تلك الحروف الموضوعة له غالبها مهموسة ـ وهي التاء والكاف والهاء ـ والهمس : هو الصّوت الخفيّ.
فإن قلت : يرد على الحدّ الذي ذكرته للمضمر الكاف من «ذلك» فإنها دالّة على المخاطب ، وليست ضميرا باتفاق البصريين ، وإنما هي حرف لا محلّ له من الإعراب.
قلت : لا نسلم أنها دالة على المخاطب ، وإنما هي دالّة على الخطاب ؛ فهي حرف دالّ على معنى ، ولا دلالة له على الذاب ألبتة ، وكذلك أيضا الياء في «إياي» والكاف في «إياك» والهاء في «إياه» ليست مضمرات ، وإنما هي ـ على الصحيح ـ حروف دالة على مجرد التكلّم والخطاب والغيبة ، والدال على المتكلم والمخاطب والغائب إنما هو «إيّا» ولكنه لما وضع مشتركا بينها وأرادوا بيان من عنوا به احتاج إلى قرينة تبيّن المعنى المراد منه.
ثم أتبعت قولي «غائب» بأن قلت :
معلوم نحو : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) أو متقدّم مطلقا ، نحو : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ) أو لفظا لا رتبة نحو (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) أو نية نحو : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) أو مؤخّر مطلقا في نحو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا)