______________________________________________________
و «نعم رجلا زيد» و «ربّه رجلا» و «قاما وقعد أخواك» و «ضربته زيدا» ونحو قوله :
* جزي ربّه عنّي عديّ بن حاتم* (١)
والأصحّ أن هذا ضرورة.
وأقول : لا بد للضمير من مفسّر يبيّن ما يراد به ، فإن كان لمتكلم أو مخاطب فمفسره حضور من هو له ، وان كان لغائب فمفسره نوعان : لفظ ، وغيره ، والثاني نحو (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) [القدر ، ١] أي : القرآن ، وفي ذلك شهادة له بالنّباهة وأنه غنيّ عن التفسير ، والأول نوعان : غالب ، وغيره ؛ فالغالب أن يكون متقدما ، وتقدّمه على ثلاثة أنواع : تقدّم في اللفظ والتقدير ، وإليه الإشارة بقولي «مطلقا» وذلك نحو : (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) [يس ، ٣٠] والمعنى قدرنا له منازل ، فحذف الخافض ، أو التقدير ذا منازل فحذف المضاف ، وانتصاب «ذا» إما على الحال ، أو على أنه مفعول ثان لتضمين (قدرناه) معنى صيّرناه ؛ وتقدّم في اللفظ دون التقدير ، نحو : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) [البقرة ، ١٢٤] وتقدم في التقدير دون اللفظ ، نحو : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) [طه ، ٦٧] لأنّ «إبراهيم» مفعول ؛ فهو في نية التأخير ، و «موسى» فاعل فهو في نية التقديم ، وقيل : إن فاعل «أوجس» ضمير مستتر ، وإن «موسى» بدل منه ؛ فلا دليل في الآية.
والنوع الثاني : أن يكون مؤخّرا في اللفظ والرتبة ، وهو محصور في سبعة أبواب :
أحدها : باب ضمير الشأن ، نحو : «هو ـ أو هي ـ زيد قائم» أي : الشأن والحديث أو القصة ، فإنه مفسّر بالجملة بعده ؛ فإنها نفس الحديث والقصة ، ومنه : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص ، ١] (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) [الحج ، ٤٦].
والثاني : أن يكون مخبرا عنه بمفسّره نحو : (ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) [الجاثية ، ٢٤] أي : ما الحياة إلا حياتنا الدنيا.
والثالث : الضمير في باب «نعم» نحو : «نعم رجلا زيد» و (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) [الكهف ، ٥٠] فإنه مفسّر بالتمييز.
__________________
(١) سيأتي الكلام عليه بصفحة ١٧٠ وهو الشاهد ٦٦.