فزعموا أن التقدير : والذي تحملينه طليق ، ف «ذا» موصول مبتدأ ، و «تحملين» صلة ، والعائد محذوف ، و «طليق» خبر.
الشرط الثاني : أن لا تكون «ذا» ملغاة ، وإلغاؤها بأن تركّب مع «ما» فيصيرا اسما واحدا ؛ فتقول : «ماذا صنعت» وينزّل «ماذا» بمنزلة قولك : أيّ شيء ، فتكون مفعولا مقدّما ، فإن قدرت «ما» مبتدأ و «ذا» خبرا ، فهي موصولة ؛ لأنها لم تلغ.
ومنها : «أيّ» كقوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ)(١) أي : الذي هو أشد ، وقد تقدم الكلام فيها.
ومنها : «أل» الداخلة على اسم الفاعل ، ك «الضّارب» أو اسم المفعول ك «المضروب» ، هذا قول الفارسي وابن السراج وأكثر المتأخرين ، وزعم المازنيّ أنها موصول حرفيّ ، ويرده أنها لا تؤول بالمصدر ، وأن الضمير يعود عليها ، وزعم أبو الحسن الأخفش أنها حرف تعريف ، ويرده أن هذا الوصف يمتنع تقديم معموله ، ويجوز عطف الفعل عليه ، كقوله تعالى : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً* فَأَثَرْنَ) [العاديات ، ٣ و ٤] فعطف «أثرن» على «المغيرات» لأن التقدير : فاللاتي أغرن فأثرن ، و (المغيرات) مفعلات من الغارة ، و (صبحا) ظرف زمان ، كانوا يغيرون على أعدائهم في الصباح ؛ لأنهم حينئذ يصيبونهم وهم غافلون لا يعلمون ، ويقال : إنها كانت سريّة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بني كنانة فأبطأ عليه خبرها ، فجاء به الوحي إليه ، والنّقع : الغبار ، أو الصوت ، من قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما لم يكن نقع أو لقلقة» (٢) أي : فهيجن بالمغار عليهم صياحا وجلبة (٣).
ثم قلت : الخامس المحلّى بأل العهدية كجاء القاضي ، ونحو : (فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ) الآية ، أو الجنسيّة نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) ونحو : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) ونحو : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.)
__________________
(١) مريم ، ٦٩ ، وقد تقدم الكلام على هذه الكلمة في ١٤٣.
(٢) اللقلقة ـ بفتح اللامين بينهما قاف ساكنة ـ هي شدة الصوت.
(٣) الجلبة ـ بفتح الجيم واللام والباء جميعا ـ اختلاط الأصوات وشدتها ، وإنما يكون ذلك عند الاضطراب وكثرة أصحاب الصوت.