ويجب ثبوتها في فاعلي نعم وبئس المظهرين ، نحو : (نِعْمَ الْعَبْدُ) و (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ) «فنعم ابن أخت القوم» فأمّا المضمر فمستتر مفسّر بتمييز نحو : «نعم امرأ هرم» ومنه : (فَنِعِمَّا هِيَ)(١) وفي نعتي الإشارة مطلقا وأيّ في النّداء ، نحو : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) ونحو : (ما لِهذَا الْكِتابِ) وقد يقال : يا أيهذا.
ويجب في السّعة حذفها من المنادى ، إلا من اسم الله تعالى ، والجملة المسمّى بها ، ومن المضاف ، إلا إذا كانت صفة معربة بالحرف ، أو مضافة إلى ما فيه أل.
وأقول : الخامس من المعارف : المحلى بالألف واللام العهدية ، أو الجنسية.
وأشرت إلى أن كلا منهما قسمان ؛ لأن العهدية إما أن يشار بها إلى معهود ذهني أو ذكريّ ؛ فالأول كقولك : «جاء القاضي» إذا كان بينك وبين مخاطبك عهد في قاض خاص ، والثاني كقوله تعالى : (فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ) [النور ، ٣٥] الآية ، فإن أل في المصباح وفي الزجاجة للعهد في مصباح وزجاجة المتقدم ذكرهما.
وأل الجنسية قسمان ؛ لأنها إما أن تكون استغراقية ، أو مشارا بها إلى نفس الحقيقة ؛ فالأول كقوله تعالى : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء ، ٢٨] أي : كل فرد من أفراد الإنسان ، ونحو (ذلِكَ الْكِتابُ) [البقرة ، ٢] أي : أن هذا الكتاب هو
__________________
(١) نعمّا : لفظ مركب من كلمتين : إحداهما «نعم» التي تدل على إنشاء المدح ، والثانية «ما» ، وقد اختلف العلماء في «ما» هذه في مثل هذا التركيب ، ولهم في ذلك ثلاثة مذاهب :
الأول : أن «ما» هذه نكرة تامة ؛ فهي تمييز للفاعل المستتر ، وكأنه قيل : نعم الشيء شيئا هي ، فالشيء هو الفاعل ، وعبرنا به عن الضمير المستتر في نعم ، وشيئا هو التمييز ؛ وهو الذي وضعت «ما» موضعه ، و «هي» مبتدأ مؤخر ، وهو المخصوص بالمدح ، وهذا المذهب هو الذي يريده المؤلف بالإتيان بهذا المثال في هذا الموضع.
والمذهب الثاني : أن «ما» معرفة تامة ، وهي فاعل نعم ، وجملة «نعمّا» من الفعل وفاعله في محل رفع خبر مقدم ، و «هي» مبتدأ مؤخر ، وهو المخصوص بالمدح.
والمذهب الثالث : أن «ما» لا معنى لها ؛ لأنها ركبت مع «نعم» فصارتا كلمة واحدة وعليه يكون «نعمّا» فعلا ماضيا دالّا على إنشاء المدح ، و «هي» فاعلا بنعمّا.
فالجملة على هذا المذهب الأخير جملة فعلية ، وعلى المذهبين السابقين هي جملة اسمية ؛ لأنها من مبتدأ وخبر ، وهذا المذهب الأخير هو مذهب الفراء ومن وافقه.