والثانية : أن يكون الاسم نعتا : إما لاسم الإشارة نحو (ما لِهذَا الْكِتابِ) [الكهف ، ٤٩] (ما لِهذَا الرَّسُولِ) [الفرقان ، ٧] وقولك : «مررت بهذا الرّجل» أو نعت «أيها» في النداء ، نحو (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) [المائدة ، ٦٧] (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) [الانفطار ، ٦] ، ولكن قد تنعت «أيّ» باسم الإشارة كقولك «يا أيّهذا» (١) ، والغالب حينئذ أن تنعت الإشارة كقوله :
٧١ ـ ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي؟ |
وقد لا تنعت كقوله :
______________________________________________________
فواضح ، وأما تأخره رتبة فإن من البديهي أن رتبة التمييز متأخرة عن رتبة الفاعل ؛ لأن كل فعل يحتاج ألبتة إلى فاعل ، والأصل فيه أن يتصل بالفعل ، والغالب أن الكلام لا يحتاج إلى التمييز ، ولكن هذا الموضع مما يغتفر فيه عود الضمير على المتأخر على نحو ما علمت مما سبق ، وشيء آخر يوضح لك هذا ، وهو أن الفاعل عمدة ، والتمييز فضلة ، بدليل أن الفاعل مرفوع وهو جزء من الجملة ، والتمييز منصوب وليس جزءا من الجملة.
وفي البيت شاهد آخر : وذلك في قوله «إلا وكان لمرتاع بها وزرا» وذلك حيث اقترنت جملة الحال الماضوية الواقعة بعد إلا بالواو ، والمستعمل الكثير في اللسان أن تجيء جملة الحال ـ إذا كانت بهذه المثابة ـ غير مقترنة بالواو.
٧١ ـ هذا بيت من الطويل ، وهو من معلقة طرفة بن العبد البكري أحد شعراء الجاهلية ، وهو من شواهد ابن عقيل (رقم ٣٢٩).
اللّغة : «الزاجري» الذي يزجرني ويكفني ويمنعني ، «الوغى» هو في الأصل الأصوات والجلبة ، ثم استعملوه في الحرب والقتال لما فيهما من الأصوات ، «مخلدي» أراد هل تضمن لي البقاء بزجرك إياي ومنعك لي من منازلة الأقران؟
الإعراب : «ألا» أداة استفتاح وتنبيه ، «أيهذا» أي : منادى بحرف نداء محذوف مبني على الضم في محل نصب ، وها : حرف تنبيه ، وذا : اسم إشارة نعت لأيّ ، مبني على السكون في
__________________
(١) اعلم أن «يا» إذا نعتت بمذكر فإن لفظها يذكر ، كما في الآيتين اللتين تلاهما المؤلف ، وإذا نعتت بمؤنث فإن لفظها يؤنث ، كما في قوله تعالى : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) [سورة الفجر ، ٢٧] ، وكما في قول أوس بن حجر :
أيّتها النّفس أجملي جزعا |
|
إنّ الّذي تحذرين قد وقعا |