عليه ، ولا بد من هذا القيد ؛ لأن به يتميز الفاعل من المبتدأ.
وقولي «أسند إليه» مخرج لنحو «زيدا» في قولك «ضربت زيدا» و «أنا ضارب زيدا» ؛ فإنه يصدق عليه فيهما أنه قدّم عليه فعل أو شبهه ، ولكنهما لم يسندا إليه.
وقولي «على جهة قيامه به أو وقوعه منه» مخرج لمفعول ما لم يسمّ فاعله ، نحو : «ضرب زيد» و «عمرو مضروب غلامه» فزيد والغلام وإن صدق عليهما أنهما قدم عليهما فعل وشبهه وأسندا إليهما ، لكن هذا الإسناد على جهة الوقوع عليهما ، لا على جهة القيام به كما في قولك : علم زيد ، أو الوقوع منه كما في قولك : ضرب عمرو.
ومثّلت لما أسند إليه شبه الفعل بقوله تعالى : (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) [فاطر ، ٢٨] فألوانه : فاعل لمختلف ؛ لأنه اسم فاعل ؛ فهو في معنى الفعل ، والتقدير : وصنف مختلف ألوانه ، أي يختلف ألوانه ، فحذف الموصوف وأنيب الوصف عن الفعل ، وقوله تعالى : (كَذلِكَ) أي : اختلافا كالاختلاف المذكور في قوله تعالى : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) [فاطر ، الآية ٢٧].
ثم قلت : الثاني نائبه ، وهو : ما حذف فاعله ، وأقيم هو مقامه (١) ، وغيّر عامله إلى طريقة فعل أو يفعل أو مفعول ، وهو المفعول به ، نحو (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) وإن فقد فالمصدر نحو (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ،)
__________________
(١) الأغراض التي يحذف من أجلها الفاعل على نوعين : الأول أغراض لفظية أي راجعة إلى اللفظ المتكلم به ، والثاني أغراض معنوية.
وأهم الأغراض اللفظية ثلاثة أغراض :
الأول : رغبة المتكلم في إيجاز العبارة ، أي أن يأتي بها مختصرة من غير تعقيد ، ومن أفصح أمثلة ذلك قوله تعالى (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ.)
الثاني : رغبة المتكلم في أن يحافظ على السجع في الكلام المنثور ، ومثاله قولهم «من طابت سريرته حمدت سيرته» فإنه لو قيل في هذه العبارة «حمد الناس سيرته» لتغيرت حركة إعراب الفاصلة الثانية فلم توافق حركة إعراب الفاصلة الأولى.
الثالث : رغبة المتكلم في المحافظة على الوزن في الكلام المنظوم نحو قول الأعشى :
علّقتها عرضا وعلّقت رجلا |
|
غيري ، وعلّق أخرى غيرها الرّجل |
وأهم الأغراض المعنوية سبعة أغراض :