أو الظّرف نحو «صيم رمضان» و «جلس أمامك» أو المجرور نحو (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ومنه (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها) [البقرة ، ٤٨].
وأقول : الثاني من المرفوعات : نائب الفاعل ، وهو الذي يعبرون عنه بمفعول ما لم يسمّ فاعله ، والعبارة الأولى أولى لوجهين ؛ أحدهما : أن النائب عن الفاعل يكون مفعولا وغيره ، كما سيأتي ، والثاني : أن المنصوب في قولك : «أعطي زيد دينارا» يصدق عليه أنه مفعول للفعل الذي لم يسمّ فاعله ، وليس مقصودا لهم ، ومعنى قولي «أقيم هو مقامه» أنه أقيم مقامه في إسناد الفعل إليه.
ولما فرغت من حدّه شرعت في بيان ما يعمل بعد حذف الفاعل ؛ فذكرت أن الفعل يجب تغييره إلى فعل أو يفعل ، ولا أريد بذلك هذين الوزنين ؛ فإن ذلك لا يتأتّى إلا في الفعل الثلاثي ، وإنما أريد أنه يضمّ أوّله مطلقا ، ويكسر ما قبل آخره في الماضي ، ويفتح في المضارع ، ثم بعد ذلك يقام المفعول به مقام الفاعل ؛ فيعطى أحكامه كلها ؛ فيصير مرفوعا بعد أن كان منصوبا ، وعمدة بعد أن كان فضلة ، وواجب التأخير عن الفعل بعد أن كان جائز التقديم عليه.
والمفعول به عند المحققين مقدّم في النيابة على غيره وجوبا ؛ لأنه قد يكون فاعلا في المعنى كقولك «أعطيت زيدا دينارا» ألا ترى أنه آخذ؟ وأوضح من هذا «ضارب زيد عمرا» لأن الفعل صادر من زيد وعمرو ؛ فقد اشتركا في إيجاد الفعل ، حتى إن
__________________
الأول : أن يكون الفاعل معلوما لكل أحد بحيث لا يحتاج المتكلم لذكره ، ومن أمثله قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ.)
والثاني : أن يكون المتكلم غير عالم بالفاعل ، نحو قولك «سرق متاعي» وأنت لا تعلم السارق.
الثالث : أن يرغب المتكلم في الإبهام على السامع ، نحو قولك «صنع مع زيد جميل» إذا كنت تعرف صانع الجميل ولكنك رغبت في الإبهام على السامع.
الرابع : أن يقصد المتكلم تعظيم الفاعل بصون اسمه عن أن يجري على لسانه أو عن أن يقترن في الكلام بالمفعول ، نحو قولك «خلق الخنزير».
الخامس : أن يقصد المتكلم تحقير الفاعل بأن لا يجري اسمه على لسانه.
السادس : خوف المتكلم على الفاعل أن يناله أحد بمكروه.
السابع : خوف المتكلم من الفاعل أن يناله بأذى ، وذلك إذا كان جبارا لا يسلم الناس من شروره.