وإما على السّجن ـ بفتح السين ـ المفهوم من قوله تعالى : (لَيَسْجُنُنَّهُ) ويدلّ عليه قوله تعالى : (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) [يوسف ، ٣٢] وكذلك القول في الآية الثانية : أي وتبين هو ، أي التبيّن ، وجملة الاستفهام مفسّرة ، وأما الآية الثالثة فليس الإسناد فيها من الإسناد المعنوي الذي هو محلّ الخلاف ، وإنما هو [من] الإسناد اللفظي ، أي : وإذا قيل لهم هذا اللفظ ، والإسناد اللفظىّ جائز في جميع الألفاظ ، كقول العرب «زعموا مطيّة الكذب» وفي الحديث «لا حول ولا قوّة إلّا بالله كنز من كنوز الجنّة».
الحكم الرابع : أن عاملهما يؤنّث إذا كانا مؤنثين ، وذلك على ثلاثة أقسام : تأنيث واجب ، وتأنيث راجح ، وتأنيث مرجوح.
فأما التأنيث الواجب ففي مسألتين :
______________________________________________________
كان قد وعده قلوصا ، ثم مطله ولم يف له بعدته ولكنه وقع ثمة محرفا.
اللّغة : «حق لقاؤه» يروى في مكانه «حق وفاؤه» ، و «القلوص» بفتح القاف ـ الناقة الشابة ، «بدا لك بداء» ظهر لك رأي آخر غير الرأي الذي كنت قد رأيته حين وعدتني القلوص.
المعنى : يقول : لعلك قد تغير رأيك في شأن هذه الناقة ، وظهر لك في أخريات التفكير ما لم يكن ظاهرا ، وما قضي لا بد كائن.
الإعراب : «لعل» حرف ترجّ ونصب ، والكاف ضمير المخاطب اسمه ، مبني على الفتح في محل نصب ، «والموعود» الواو واو الحال ، الموعود : مبتدأ «حق» خبر المبتدأ «وفاؤه» وفاء : فاعل حق ؛ لأنه صفة مشبهة أو مصدر ، وهو مضاف والضمير مضاف إليه ، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب حال ، «بدا» فعل ماض ، «لك» جار ومجرور متعلق ببدا ، «في تلك» الجار والمجرور متعلق ببدا أيضا ، واللام للبعد ، والكاف حرف خطاب ، «القلوص» بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان عليه ، «بداء» فاعل بدا ، والجملة من الفعل وفاعله خبر لعل في أول البيت.
الشّاهد فيه : قوله «بدا لك بداء» حيث أسند الفعل ـ وهو بدا ـ إلى بداء ، وهو مصدر ذلك الفعل ، وهذا يرشح أن هذا الفعل لو ورد في كلام آخر وليس معه اسم مرفوع على أنه فاعل جاز أن يقدر الفاعل ضميرا عائدا إلى مصدره كما في الآية الكريمة (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [يوسف ، ٣٥] ، على نحو ما ذكره المؤلف.