والمبرد يخص ذلك بالشعر.
______________________________________________________
الشّاهد فيه : قوله «غره منكن واحدة» حيث أسند الفعل إلى اسم ظاهر حقيقي التأنيث ولم يؤنث هذا الفعل ، لوجود الفاصل بين الفعل وفاعله بقوله «منكن» وذكر علامة التأنيث في مثل هذه الحال أرجح من حذفها.
ومثله في المعنى قول حجر آكل المرار في هند بنت ظالم امرأته ، وكانت قد أسرها زياد بن الهبولة في يوم البردان :
إنّ من غرّه النّساء بشيء |
|
بعد هند لجاهل مغرور |
حلوة العين والحديث ، ومرّ |
|
كلّ شيء أجنّ منها الضّمير |
كلّ أنثى وإن بدا لك منها |
|
آية الحبّ حبّها خيتعور |
__________________
والذي يدل على الجمع ستة أشياء ؛ لأن هذا الدال إما أن يكون جمعا حقيقة ، أو يكون اسم جمع ، أو يكون اسم جنس جمعي ، ثم قد يكون الجمع جمع تكسير لمذكر ، أو جمع تكسير لمؤنث ، أو جمع مذكر سالما ، أو جمع مؤنث سالما. فاسم الجمع نحو قوم ورهط ونسوة ، واسم الجنس الجمعي نحو روم وزنج وكلم ، وجمع التكسير الذي لمذكر نحو رجال وزيود ، وجمع التكسير الذي لمؤنث نحو هنود وضوارب ، وجمع المذكر السالم نحو الزيدين والمؤمنين والبنين ، وجمع المؤنث السالم نحو الهندات والمؤمنات والبنات.
وعلى مقتضى هذا الذي ذكرنا من احتمال هذه الأنواع كلها للوجهين كان ينبغي أن يجوز في جميعها تأنيث الفعل المسند إليها على تأويلها بالجماعة ، وتذكيره على تأويلها بالجمع.
وقد اختلف النحاة في هذا الموضوع على ثلاثة مذاهب :
المذهب الأول : مذهب جمهور الكوفيين ، وحاصله تجويز الوجهين في جميع هذه الأنواع ، تمشيا مع هذا الأصل الذي ذكرناه.
والمذهب الثاني : مذهب أبي علي الفارسي ، وخلاصته تجويز الوجهين في جميع الأنواع إلا نوعا واحدا ، وهو جمع المذكر السالم ؛ فإنه أوجب فيه تذكير الفعل.
والمذهب الثالث : مذهب جمهور البصريين ، وخلاصته تجويز الوجهين في اسم الجمع وفي اسم الجنس الجمعي وفي جمع التكسير لمذكر وفي جمع التكسير لمؤنث ، ووجوب التذكير في جمع المذكر السالم ، ووجوب التأنيث في جمع المؤنث السالم ، قالوا : لأنك حين تجمع رجلا على رجال ، وحين تجمع هندا على هنود ، لا يبقى في الجمع لفظ المفرد على ما كان عليه ؛ فأشبه اسم الجمع الذي لا واحد له من لفظه ؛ فأما حين تجمع زيدا على الزيدين وحين تجمع هندا على الهندات فإنه يبقى لفظ الواحد في الجمع على ما كان عليه ، فأشبه جمع المذكر المفرد المذكر وأشبه جمع المؤنث المفرد المؤنث ، والمفرد المذكر يجب معه تذكير الفعل إجماعا ، فكذلك جمعه السالم ، والمفرد المؤنث الحقيقي التأنيث يجب معه تأنيث الفعل إجماعا فكذلك جمعه السالم.
وخلاصة هذا الخلاف أنهم متفقون على جواز الوجهين في الفعل المسند إلى اسم الجمع أو اسم الجنس الجمعي أو إلى جمع التكسير لمذكر أو جمع التكسير لمؤنث ، والخلاف بين البصريين جميعا والكوفيين وحدهم في