جمع تكسير ، أو اسم جمع ؛ تقول : قامت الزيود ، وقام الزيود ، وقامت النساء ، وقام النساء ، قال الله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ) [الحجرات ، ١٤] (وَقالَ نِسْوَةٌ) [يوسف ، ٣٠] وكذلك اسم الجنس ك «أورق الشّجر» و «أورقت الشّجر» ؛ فالتأنيث في ذلك كله على معنى الجماعة ، والتذكير على معنى الجمع ، وليس لك أن تقول : التأنيث في النساء والهنود حقيقي ؛ لأن الحقيقي (١) هو الذي له فرج ، والفرج لآحاد الجمع ، لا للجمع ، وأنت إنما أسندت الفعل إلى الجمع لا إلى الآحاد.
ومن هذا الباب أيضا قولهم : نعمت المرأة هند ، ونعم المرأة هند ، فالتأنيث على مقتضى الظاهر ، والتذكير [على معنى الجنس] ؛ لأن المراد بالمرأة الجنس ، لا واحدة معينة ، مدحوا الجنس عموما ، ثم خصّوا من أرادوا مدحه ، وكذلك «بئس» بالنسبة إلى الذم ، كقولك : بئس المرأة حمّالة الحطب ، وبئست المرأة [هند].
وأما التأنيث المرجوح ففي مسألة واحدة ، وهي : أن يكون الفاعل مفصولا بإلا ، كقولك : ما قام إلا هند ؛ فالتذكير هنا أرجح باعتبار المعنى ؛ لأن التقدير «ما قام
__________________
ومما استدل به الكوفيون على جواز تأنيث الفعل المسند لجمع مذكر سالم قول الله تبارك وتعالى : (آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ) [سورة يونس ، ٩٠] ، حيث لحقت الفعل ـ وهو «آمنت» ـ تاء التأنيث «مع أن فاعله جمع مذكر سالم وهو «بنو إسرائيل» ومثله قول الشاعر وهو قريظ بن أنيف أحد بني العنبر وهو أحد شعراء الحماسة :
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي |
|
بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا |
حيث أنث الفعل ـ وهو «تستبح» ـ مع أن فاعله جمع مذكر سالم ـ وهو «بنو اللقيطة».
وجواب البصريين عن الآية الكريمة والبيت واحد ، وهو من باب جوابهم السابق على بيت عبدة بن الطبيب ، وهو أن اللفظ ـ وإن كان جمع مذكر سالما ـ قد أشبه جمع التكسير بسبب أن لفظ المفرد ـ وهو ابن ـ يوجد بتمامه فيه ، والأصل في جمع المذكر السالم أن يسلم فيه بناء واحده ، ولهذا سموه سالما ، وكان أصل جمع التكسير أن يتغير فيه بناء واحده ، ولهذا سموه مكسرا ، فلما كان ذلك كذلك جاز في فعله الوجهان ؛ فالجواز في هذا الفاعل بخصوصه لعلة من العلل لا يستلزم الجواز في كل جمع مذكر سالم حيث لا توجد فيه العلة المقتضية للجواز ههنا.
وهذا بحث طويل أردنا به تدريبك على الحوار والجدل والتخريج ، فلا تمله ، وعه ، ولا تنسه ، والله يتولاك بإرشاده وتوفيقه.
(١) هذا تعليل للنفي ، يعني انتفى أن تقول هذا الكلام لأن الحقيقي ... إلخ.