والتأخير ، وذلك لا يمكنهم في البيت [الأول] إذ لا يخبر عن المثنى بالمفرد ، وأعمّ من أن يكون ذلك المرفوع فاعلا كما في البيتين ، أو نائبا عن الفاعل كما في قولك «أمضروب الزيدان».
وخرج عن قولي «مكتفى به» نحو «أقائم أبواه زيد» فليس لك أن تعرب أقائم مبتدأ ، وأبواه فاعلا أغنى عن الخبر ؛ لأنه لا يتم به الكلام ، بل زيد : مبتدأ [مؤخر] وقائم : خبر مقدم ، وأبواه : فاعل به.
ثم قلت : ولا يبتدأ بنكرة إلّا إن عمّت نحو «ما رجل في الدّار» أو خصّت نحو «رجل صالح جاءني» وعليهما (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ) [البقرة ، ٢٢١].
وأقول : الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة ، ولا يكون نكرة إلا في مواضع خاصة تتبّعها بعض المتأخرين ، وأنهاها إلى نيّف وثلاثين ، وزعم بعضهم أنها ترجع إلى الخصوص والعموم.
فمن أمثلة الخصوص أن تكون موصوفة : إما بصفة مذكورة ، نحو (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ) [البقرة ، ٢٢١] (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) [البقرة ، ٢٢١] أو بصفة مقدرة ، كقولهم : السّمن منوان (١) بدرهم ؛ فالسمن : مبتدأ أوّل ، ومنوان : مبتدأ ثان ، وبدرهم : خبره ، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول ، والمسوّغ للابتداء بمنوان أنه موصوف بصفة مقدرة : أي منوان منه.
ومنها : أن تكون مصغّرة ، نحو رجيل جاءني ؛ لأن التصغير وصف في المعنى بالصغر ؛ فكأنك قلت : رجل صغير جاءني.
ومنها : أن تكون مضافة ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «خمس صلوات كتبهنّ الله على العباد».
ومنها : أن يتعلق بها معمول ، كقوله صلىاللهعليهوسلم : «أمر بمعروف صدقة ، ونهى عن
__________________
(١) منوان : تثنية منا بوزن عصا ، كما تقول : عصوان ، في تثنية العصا ، وقد يقال فيه : من ـ بفتح الميم وتشديد النون ـ والمنا : مقدار مخصوص من الموازين كالرطل ، وهو يزن رطلين تقريبا ، وسيأتي شرح المؤلف لهذه الكلمة في باب التمييز بما لا يخرج عما قلناه.