صحيحا» كان قولك «صحيحا» حالا لا خبرا ، وكذلك «عجبت من ما دام زيد صحيحا» لأن ما هذه مصدرية لا ظرفية ، والمعني عجبت من دوامه صحيحا.
ثم قلت : ويجب حذف «كان» وحدها بعد «أمّا» في نحو «أمّا أنت ذا نفر» ويجوز حذفها مع اسمها بعد إن ولو الشّرطيّتين ، وحذف نون مضارعها المجزوم إلّا قبل ساكن أو مضمر متّصل.
وأقول : هذه ثلاث مسائل مهمة تتعلق بكان بالنظر إلى الحذف :
إحداها : حذفها وجوبا دون اسمها وخبرها ، وذلك مشترط بخمسة أمور ؛ أحدها : أن تقع صلة لأن ، والثاني : أن يدخل على أن حرف التعليل ، الثالث : أن تتقدم العلة على المعلول ، الرابع : أن يحذف الجار ، الخامس : أن يؤتى بما ، كقولهم : «أمّا أنت منطلقا انطلقت» وأصل هذا الكلام : انطلقت لأن كنت منطلقا ، أي : انطلقت لأجل انطلاقك ، ثم دخل هذا الكلام تغيير من وجوه ؛ أحدها : تقديم العلة ـ وهي «لأن كنت منطلقا» ـ على المعلول ـ وهي «انطلقت» وفائدة ذلك الدلالة على الاختصاص ، والثاني : حذف لام العلة ، وفائدة ذلك الاختصار ، والثالث : حذف كان ، وفائدته أيضا الاختصار ، والرابع : انفصال الضمير ، وذلك لازم عن حذف كان ، والخامس : وجوب زيادة «ما» وذلك لإرادة التعويض ، والسادس : إدغام النون في الميم ، وذلك لتقارب الحرفين مع سكون الأول وكونهما في كلمتين.
ومن شواهد هذه المسألة قول العباس بن مرداس رضياللهعنه :
٨٦ ـ أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
|
فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع |
«أبا» منادى بتقدير يا أبا ، و «خراشة» بضم الخاء المعجمة ، و «أما أنت ذا نفر» أصله : لأن كنت ذا نفر ، فعمل فيه ما ذكرناه ، والذي يتعلق به اللام محذوف : أي
______________________________________________________
٨٦ ـ هذا بيت من البسيط من كلام العباس بن مرداس السلمي ، يقوله يخاطب خفاف بن ندبة ، وخفاف شاعر أيضا ، وندبة اسم أمه ، والبيت من شواهد سيبويه (١ / ١٤٨) والأشموني (رقم ٢٩٧) وابن عقيل (رقم ٧٥) والمؤلف في أوضحه (رقم ٩٧) وفي القطر (رقم ٤٧).