وهذان الفعلان أغرب أفعال الشروع ، وطفق أشهرها ، وهي التي وقعت في التنزيل ، وذلك في موضعين :
أحدهما : (وَطَفِقا يَخْصِفانِ) [الأعراف ، ٢٢ ، وطه : ١٢١] أي : شرعا يخيطان ورقة على أخرى كما تخصف النّعال ليستترا بها ، وقرأ أبو السمال العدوي (وطفقا) بالفتح ، وهي لغة حكاها الأخفش ، وفيها لغة ثالثة طبق ـ بباء مكسورة مكان الفاء.
والثاني : (فَطَفِقَ مَسْحاً) [ص ، ٣٣] أي : شرع يمسح بالسيف سوقها وأعناقها مسحا : أي يقطعها قطعا.
ثم قلت : السّابع اسم ما حمل على «ليس» وهي أربعة : «لات» في لغة الجميع ، ولا تعمل إلا في الحين بكثرة ، أو السّاعة أو الأوان بقلة ، ولا يجمع بين جزأيها ، والأكثر كون المحذوف اسمها ، نحو : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) و «ما» و «لا» النّافيتان في لغة الحجاز ، و «إن» النّافية في لغة أهل العالية ، وشرط إعمالهنّ نفي الخبر ، وتأخيره ، وأن لا يليهنّ معموله وليس ظرفا ولا مجرورا ، وتنكير معمولي «لا» وأن لا يقترن اسم «ما» بإن الزّائدة ، نحو : (ما هذا بَشَراً) و :
* ولا وزر ممّا قضى الله واقيا*
و «إن ذلك نافعك ولا ضارّك».
وأقول : السابع من المرفوعات : اسم ما حمل ـ في رفع الاسم ونصب الخبر ـ على «ليس» وهي أحرف أربعة نافية ، وهي : «ما» و «لا» و «لات» و «إن».
______________________________________________________
هذا ، والمعروف عن العلماء الأثبات ـ ومنهم المؤلف ـ أن «هلهل» إنما يدل على دنو الخبر ، ولا نعلم أحدا ذكر أن هذا الفعل يدل على الشروع إلا المؤلف في هذا الموضع وفيما يلي عند الكلام على خبر أفعال المقاربة حيث يذكر هذا الفعل في عداد أفعال الشروع التي يمتنع اقتران المضارع الواقع خبرا لها بأن المصدرية ، وقد ذكر في غير هذا الكتاب أنه يدل على الدنو كما قلنا ؛ فلابد أنه اطلع على ما لم نطلع عليه ؛ ولذلك تراه يقول عن هب وهلهل «وهذان الفعلان أغرب أفعال الشروع».