وأصله ليس الحين أوان صلح ، أو ليس الأوان أوان صلح ، فحذف اسمها على القاعدة ، وحذف ما أضيف إليه خبرها ، وقدّر ثبوته ، فبناه كما يبني قبل وبعد ، إلا أن أوانا شبيه بنزال فبناه على الكسر ، ونوّنه للضرورة.
ثم قلت : الثامن خبر «إنّ» وأخواتها : ولكنّ ، وكأنّ ، وليت ، ولعلّ ، نحو : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ) ولا يجوز تقدّمه مطلقا ، ولا توسّطه إلّا إن كان ظرفا أو مجرورا ، نحو : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً* إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً.)
وأقول : الثامن من المرفوعات : خبر «إنّ» وأخواتها الخمسة ، فإنهن يدخلن على المبتدأ والخبر ؛ فينصبن المبتدأ كما سيأتي في باب المنصوبات ويسمى اسمها ، ويرفعن خبره كما نذكره الآن ويسمى خبرها ، نحو : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ) [طه ، ١٥] (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) [المائدة ، ٩٨] (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) [المنافقون ، ٤] (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) [الشورى ، ١٧].
ولا تتقدم أخبارهنّ عليهنّ مطلقا ، وقد أشار إلى ذلك الشيخ شرف الدين بن عنين حيث قال :
______________________________________________________
ولعمري لعارها كأن أدنى |
|
لكم من تقى وحسن وفاء |
والبيت المستشهد به من شواهد الأشموني (رقم (٢٢٩).
الإعراب : «طلبوا» فعل وفاعل ، «صلحنا» صلح : مفعول به لطلبوا ، وصلح مضاف والضمير مضاف إليه ، «ولات» الواو واو الحال ، لات : حرف نفي يعمل عمل ليس ، واسمه محذوف ، «أوان» خبر لات مبني على الكسر في محل نصب ، ونون لأجل الضرورة ، وجملة لات واسمه وخبره في محل نصب حال ، «فأجبنا» الفاء عاطفة ، أجبنا : فعل وفاعل «أن» تفسيرية ، «ليس» فعل ماض ناقص ، واسمه محذوف ، «حين» خبر ليس ، وحين مضاف ، و «بقاء» مضاف إليه.
الشّاهد فيه : قوله «ولات أوان» حيث أعمل «لات» النافية في لفظ الأوان ، وهو من معنى الحين وليس هو لفظه ، فهو رد على سيبويه فيما نقل عنه جماعة وعلى من وافقه ، حيث اشترطوا في إعمال لات أن يكون اسمها وخبرها لفظ الحين.
واعلم أن جماعة ذهبوا إلى أن «لات» في هذا البيت عاملة عمل ليس ، وأن قوله «أوان» مبني على الكسر لشبهه في الوزن بنزال ، وأن تنوينه للضرورة ، وهذا كله ادعاء أبي سعيد السيرافي وأبي