ولا على أسمائهن ؛ فإن الحروف محمولة في الإعمال على الأفعال ، فلكونها فرعا في العمل لا يليق التوسّع في معمولاتها بالتقديم والتأخير ، اللهم إلا إن كان الخبر ظرفا أو جارّا ومجرورا ، فيجوز توسّطه بينها وبين أسمائها ، كقوله تعالى : (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً) [المزمل ، ١٢] (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) [النازعات ، ٢٦] وفي الحديث «إن في الصّلاة لشغلا» و «إنّ من الشّعر لحكما» ويروى «لحكمة» فأما تقديمه عليها فلا سبيل إلى جوازه ، لا تقول : في الدار إن زيدا.
ثم قلت : وتكسر «إنّ» في الابتداء ، وفي أوّل الصّلة والصّفة والجملة الحاليّة ، والمضاف إليها ما يختصّ بالجمل ، والمحكيّة بالقول ، وجواب القسم ، والمخبر بها عن اسم عين ، وقبل اللّام المعلّقة ، وتكسر أو تفتح بعد «إذا» الفجائية والفاء الجزائيّة ، وفي نحو : «أوّل قولي أنّي أحمد الله» وتفتح في الباقي.
وأقول : لإنّ ثلاث حالات ، وجوب الكسر ، ووجوب الفتح ، وجواز الأمرين :
فيجب الكسر في تسع مسائل :
إحداها : في ابتداء الكلام ؛ نحو : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) [الكوثر ، ١] (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [القدر ، ١].
الثانية : أن تقع في أول الصلة ، كقوله تعالى : (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ) [القصص ، ٧٦] (ما) مفعول ثان لآتيناه ، وهي موصول بمعنى الذي ، و (إنّ) وما
______________________________________________________
جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لحرف جر ، «يجرني» يجر : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حرف جر ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، والجملة من الفعل المضارع وفاعله ومفعوله في محل نصب خبر عسى ، وكان الأوفق أن يقرن المضارع بأن المصدرية ، «إليك» جار ومجرور متعلق بيجر ، «فإني» الفاء للتعليل ، وإن : حرف توكيد ونصب ، وياء المتكلم اسمه ، «من وصالك» جار ومجرور متعلق بمعدم الآتي ، «معدما» خبر إن ، وقد جاء به على لغة من ينصب بها الاسم والخبر جميعا ، كقوله* إن حراسنا أسدا* وهي لغة مهجورة فتنبه.
سبب ذكرهما : ذكر المؤلف هذين البيتين استملاحا لمعناهما ، ولأن صاحبهما قرر القاعدة النحوية في أسلوب ظريف ؛ وهي أن الخبر في باب «إن» لا يتقدم أصلا ، ولا يتوسط إلا إن كان جارّا ومجرورا.