في النداء : من التزام البناء على الضمة ، وتأنيثها مع المؤنث ، والتزام إفرادها ؛ فلا تثنى ولا تجمع باتفاق ، ومفارقتها للإضافة لفظا وتقديرا ، ولزوم «ها» التنبيه بعدها ، ومن وصفها باسم معرّف بأل لازم الرفع ، مثال ذلك «أنا أفعل كذا أيّها الرّجل» و «اللهمّ اغفر لنا أيّتها العصابة» المعنى : أنا أفعل كذا مخصوصا من بين الرجال ، واللهم اغفر لنا مختصّين من بين العصائب.
ويقلّ تعريفه بالعلمية ، ففي «بك الله نرجو الفضل» شذوذان : كونه بعد ضمير مخاطب ، وكونه علما (١).
ومن المحذوف عامله : المنصوب بالزم ، ويسمى إغراء.
والإغراء : تنبيه المخاطب على أمر محمود ليلزمه ، نحو :
١٠٦ ـ أخاك أخاك إنّ من لا أخا له |
|
كساع إلى الهيجا بغير سلاح |
______________________________________________________
١٠٦ ـ هذا بيت من الطويل ، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ١٢٩) وقد نسبه الأعلم إلى إبراهيم بن هرمة القرشي ، وليس كما ذكر ، بل هو من كلمة لمسكين الدارمي ، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٤٨٥) وفي القطر (رقم ١٣٣) وأنشده ابن عبد ربه في العقد (٢ ـ ٣٠٤ اللجنة) مع بيت آخر ، ولم ينسبهما ، وانظر الأغاني (١٨ ـ ٦٠ بولاق) وخزانة الأدب (١ ـ ٤٦٦ بولاق).
الإعراب : «أخاك» أخا : مفعول به لفعل محذوف وجوبا تقديره : الزم أخاك ، وأخا مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه ، «أخاك» تأكيد للأول ، «إن» حرف توكيد ونصب ، «من» اسم موصول بمعنى الذي اسم إن ، «لا» نافية للجنس «أخا» اسم لا ، مبني على فتح مقدر على الألف ، منع من ظهوره التعذر ، «له» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا ، وفي هذا التعبير كلام طويل وخلافات كثيرة لا نرى أن نذكر شيئا منها في هذه العجالة ، وقد اخترنا لك أقرب الأعاريب إلى
__________________
(١) اختلف النحاة في إعراب «أيها» و «أيتها» في الاختصاص ؛ فذهب الجمهور إلى أنهما مبنيان على الضم في محل نصب بفعل محذوف وجوبا كما ذكره المؤلف ، وتقدير : أخص ، وذهب الأخفش إلى أنهما مناديان بحرف نداء محذوف ، والتقدير : يا أيها ، ويا أيتها ، وليس ببدع أن ينادي الإنسان نفسه ، كما لا يستنكر أن يخاطب الإنسان نفسه ، فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : «كل الناس أفقه منك يا عمر» وذهب السيرافي إلى أن «أيها» أو «أيتها» مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : أيها الرجل المخصوص أنا ، أو خبر مبتدأ محذوف.