أحدهما : أن الحال إنما يكون وصفا إما بالفعل أو بالقوة ، وأما التمييز فإنه يكون بالأسماء الجامدة كثيرا ، نحو «عشرون درهما» و «رطل زيتا» وبالصفات المشتقة قليلا ، كقولهم : «لله درّه فارسا» و «لله درّه راكبا».
الثاني : أن الحال لبيان الهيئات ، والتمييز يكون تارة لبيان الذّوات ، وتارة لبيان جهة النسبة.
وقسّمت كلّا من هذين النوعين أربعة أقسام :
فأما أقسام التمييز المبين للذات فأحدها : أن يقع بعد الأعداد ، وقسمت العدد إلى قسمين : صريح ، وكناية.
فالصريح الأحد عشر فما فوقها إلى المائة ، تقول : «عندي أحد عشر عبدا» و «تسعة وتسعون درهما» وقال الله تعالى : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) [يوسف ، ٤] (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) [المائدة ، ١٢] (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف ، ١٤٢] (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) [العنكبوت ، ١٤] (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) [المجادلة ، ٤] (ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) [الحاقة ، ٢٢] (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً) [النور ، ٤] (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) [ص ، ٢٣] ، وفي الحديث «إن لله تسعة وتسعين اسما» وأردت بقولي «إلى المائة» عدم دخول الغاية في المغيّا ، وهو أحد احتمالي حرف الغاية.
والكناية هي «كم» الاستفهامية ، تقول : كم عبدا ملكت؟ فكم مفعول مقدم ، وعبدا : تمييز واجب النصب والإفراد ، وزعم الكوفي أنه يجوز جمعه فتقول : كم عبيدا ملكت ، وهذا لم يسمع ، ولا قياس يقتضيه ، ويجوز لك جر تمييز كم الاستفهامية ؛ وذلك مشروط بأمرين ؛ أحدهما : أن يدخل عليها حرف جر ، والثاني : أن يكون تمييزها إلى جانبها ، كقولك : بكم درهم اشتريت؟ وعلى كم شيخ
__________________
يجيء اسما صريحا ويجيء ظرفا أو جارا ومجرورا ويجيء جملة ، أما التمييز فلا يكون إلا اسما صريحا ، والثالث أن معنى الكلام قد يكون باطلا بدون الحال ، أما التمييز فلا يكون بهذه المنزلة ، والرابع أن الأصل في الحال أن يكون مشتقا والأصل في التمييز أن يكون جامدا ، والخامس أن الحال قد يكون مؤكدا لعامله أو لصاحبه والتمييز لا يكون مؤكدا.