وقولي «مطلقا» راجع إلى «لن» و «كي» المصدرية ؛ فإن النصب لا يتخلّف عنهما.
ولما كانت كي تنقسم إلى ناصبة ـ وهي المصدرية ـ وغير ناصبة ـ وهي التعليلية ـ أخّرتها عن لن.
وأما «إذن» فللنصب بها ثلاثة شروط :
أحدها : أن تكون مصدّرة ؛ فلا تعمل شيئا في نحو قولك : «أنا إذن أكرمك» لأنها معترضة بين المبتدأ والخبر ، وليست صدرا ، قال الشاعر :
١٤٤ ـ لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها |
|
وأمكنني منها إذن لا أقيلها |
فالرفع لعدم التصدر ، لا لأنها فصلت عن الفعل ، لأن فصلها بلا مغتفر كما يأتي.
والثاني : أن يكون الفعل بعدها مستقبلا ؛ فلو حدّثك شخص بحديث فقلت له :
______________________________________________________
أصبح : فعل ماض ناقص ، وتاء المخاطب اسمه ، «مانحا» خبره ، وفيه ضمير مستتر هو فاعله ، «لسانك» لسان : مفعول ثان لمانح ، ولسان مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه ، «كيما» كي : حرف تعليل ، وما : زائدة «أن» حرف مصدري ونصب ، «تغرّ» فعل مضارع منصوب بأن ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، «وتخدعا» الواو عاطفة ، تخدع : معطوف على تغرّ ، وفيه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت هو فاعله.
الشّاهد فيه : قوله «كيما أن تغرّ» حيث أدخل كي على أن ؛ فلزم اعتبار كي حرفا دالا على التعليل ، واعتبار أن مصدرية ناصبة ، ولا يجوز اعتبار كي مصدرية ، لئلا يتوالى حرفان بمعنى واحد ، وهو غير مرضيّ على ما ستعرفه قريبا.
١٤٤ ـ هذا بيت من الطويل من كلام كثير بن عبد الرحمن ، المشهور بكثير عزة ، وكان قد مدح عبد العزيز بن مروان فأعجبته مدحته ، فقال له : احتكم ؛ فطلب أن يكون كاتبه ، وصاحب أمره ، فرده ، وغضب عليه ، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٤٩٥).
الإعراب : «لئن» اللام موطئة للقسم ، وإن : شرطية ، «عاد» فعل ماض فعل الشرط ، مبني
__________________
وتلخيص ضابط الحالة الثالثة : أن كي تحتمل المصدرية والتعليلية : إذا لم تذكر اللام قبلها ولا بعدها ، ولم تذكر بعدها أن ، نحو قولك : جئت كي أتعلم ، فيمكن اعتبارها تعليلية ، وحينئذ تقدر أن بعدها ، ويمكن اعتبارها مصدرية ، وحينئذ تقدر اللام قبلها ومن هنا تعلم أن كي تكون مصدرية لا غير في موضع واحد ، وتعليلية لا غير في موضعين ، ومحتملة لهما في موضع واحد.