وأما «كي» ففي نحو : «جئتك كي تكرمني» إذا قدّرتها تعليلية بمنزلة اللام ، والتقدير : جئتك كي أن تكرمني ، ولا يجوز التصريح بأن بعدها إلا في الشعر ، خلافا للكوفيين. وقد مضى ذلك.
وأما حروف العطف فأربعة ، وهي : أو ، والواو ، والفاء ، وثم.
وهذه الأربعة منها ما لا يجوز معه الإظهار ، وهو أو ، ومنها ما لا يجب معه الإضمار (١) ، وهو ثم ، ومنها ما تارة يجب معه الإضمار وتارة يجوز معه الإضمار والإظهار ، وهو الفاء والواو ، وهذا كله يفهم مما ذكرت في المقدمة (٢).
فأما «أو» فينتصب المضارع بأن مضمرة بعدها وجوبا ، إذا صح في موضعها إلى أو إلّا ؛ فالأول كقولك : «لألزمنك أو تقضيني حقي» وقوله :
١٤٦ ـ لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى |
|
فما انقادت الآمال إلا لصابر |
والثاني كقولك : «لأقتلنّ الكافر أو يسلم» وقوله :
______________________________________________________
١٤٦ ـ هذا بيت من الطويل ، ولم أجد أحدا من العلماء نسب هذا البيت إلى قائل معين ، وقد استشهد به المؤلف في أوضحه (رقم ٤٩٧) وفي القطر (رقم ١٦) وابن عقيل (رقم ٢١٨).
اللّغة : «لأستسهلن» استسهال الشيء : أن تعده سهلا ، «الصعب» الذي يعسر عليك أن تدركه ، وهو ضد السهل ، «المنى» جمع منية ـ بضم فسكون ، مثل مدية ومدى ـ والمنية : اسم لما يتمناه الإنسان ، «انقادت» انقياد الآمال : حصولها ، فكأنها خضعت وذلت لطالبها وآملها ، «لصابر» اسم فاعل من الصبر ، وهو حبس النفس على المكاره.
الإعراب : «لأستسهلن» اللام واقعة في جواب قسم مقدر ، أستسهل : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، ونون التوكيد حرف لا محل له ، «الصعب» مفعول به ، «أو» حرف بمعنى إلى ، «أدرك» فعل
__________________
(١) أي : بل يجوز معه إظهار أن ويجوز إضمارها.
(٢) يجب الإضمار إذا كانت الفاء للسببية والواو للمعية في أحد الأجوبة الثمانية التي سيذكرها ، ويجوز الإضمار والإظهار إذا كان كل من الفاء والواو للعطف على اسم خالص وسيذكره ، وإذا حققت وجدت «أو» كالفاء والواو لها حالتان : حالة يجب فيها الإضمار ، وذلك إذا كانت بمعنى إلى أو إلا ، وحالة يجوز فيها الإضمار والإظهار ، وذلك إذا كانت للعطف على اسم خالص ، وعبارة المصنف في المتن تنادي بذلك.