وقسمت الحروف الجارة إلى ستة أقسام :
أحدها : ما يجرّ الظاهر والمضمر ، وبدأت به لأنه الأصل ، وهو سبعة أحرف : من ، وإلى ، وعن ، وعلى ، والباء ، والّلام ، وفي ، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) [الأحزاب ، ٧] (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) [المائدة ، ٤٨ و ١٠٥] (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) [الأنعام ، ٦٠] (طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) [الانشقاق ، ١٩] (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) [المائدة ، ١١٩] (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) [المؤمنون ، ٢٢] (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [النساء ، ١٣٦] (آمِنُوا بِهِ) [الإسراء ، ١٠٧] (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) [البقرة ، ٢٨٤] (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) [البقرة ، ٢٥٥] (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) [البقرة ، ١١٦] (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) [الذاريات ، ٢٠] (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ)(١).
والثاني : ما لا يجرّ إلا الظاهر ، ولا يختص بظاهر معين ، وهو ثلاثة : الكاف ، وحتى ، والواو.
والثالث : ما يجرّ لفظتين بعينهما ، وهو التاء ؛ فإنها لا تجر إلا اسم الله عزوجل وربّا مضافا إلى الكعبة أو إلى الياء ، قال الله تعالى : (قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ) [يوسف ، ٨٥] (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) [يوسف ، ٩٣] (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء ، ٥٧] وقالت العرب «تربّ الكعبة» و «تربّي لأفعلنّ».
الرابع : ما يجر فردا خاصا من الظواهر ، ونوعا خاصا منها ، وهي كي ؛ فإنها لا تجر إلا أمرين ؛ أحدهما «ما» الاستفهامية ، وهي الفرد الخاصّ ، يقال لك «جئتك أمس» فتقول في السؤال عن علة المجيء : «لمه؟» أو «كيمه؟» فكما أن «لمه» جار ومجرور كذلك «كيمه» والأصل لما وكيما ، ولكن «ما» الاستفهامية متى دخل عليها حرف الجر حذفت ألفها وجوبا كما قال الله تعالى : (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) [النازعات ، ٤٣] (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) [النبأ ، ١] (بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) [النمل ، ٣٥] وحسن في الوقف أن تردف بهاء السكت ، كما قرأ البزّيّ في هذه المواضع وغيرها ، الثاني «أن» المضمرة وصلتها ، وذلك هو النوع الخاصّ ، وتقول : «جئتك كي تكرمني» فإن
__________________
(١) سورة الزخرف ، الآية : ٧١ والضمير يعود إلى الجنة دار النعيم.