قدرت كي تعليليّة فالنصب بأن المضمرة ، وأن مع هذا الفعل في تأويل مصدر مجرور بكي ، وكأنك قلت : جئتك للإكرام.
الخامس : ما يجر نوعا خاصا من الظواهر ، وهو منذ ومذ ؛ فإن مجرورهما لا يكون إلا اسم زمان ، ولا يكون ذلك الزمان إلا معينا ، لا مبهما ، ولا يكون [ذلك] المعين إلا ماضيا أو حاضرا ، لا مستقبلا ، تقول : «ما رأيته منذ يوم الجمعة» و «مذ يوم الجمعة» و «منذ يومنا» و «مذ يومنا» ولا تقول : «لا أراه منذ غد» و «لا مذ غد» ، وكذا لا تقول «ما رأيته منذ وقت».
السادس : ما يجر نوعا خاصّا من المضمرات ، ونوعا خاصّا من المظهرات ، وهو «ربّ» فإنها إن جرت ضميرا فلا يكون إلا ضمير غيبة مفردا مذكرا مرادا به المفرد المذكر وغيره ، ويجب تفسيره بنكرة بعده مطابقة للمعنى المراد منصوبة على التمييز ، نحو «ربّه رجلا لقيت» و «ربّه رجلين» و «ربّه رجالا» و «ربّه امرأة» و «ربّه امرأتين» و «ربّه نساء» ، وكلّ ذلك قليل ، وإن جرّت ظاهرا فلا يكون إلا نكرة موصوفة نحو «ربّ رجل صالح لقيت» وذلك كثير.
فإن قلت : قد كان من حقك أن تؤخر التاء في الذكر عن الحروف المذكورة بعدها ؛ لاختصاص التاء باسم الله تعالى وربّ الكعبة ، واختصاصهن إما بنوع أو نوعين أو فرد ونوع كما فصّلت ، وأصل حرف الجر أن لا يختص ، والمختص بنوع أقرب إلى الأصل من مختص بفرد ، وكان ينبغي أن يتقدم المختص بنوعين وهو رب ، على المختص بفرد ونوع ، وهي كي.
قلت : إنما ذكرت التاء إلى جانب الواو لأنها شريكتها في القسم ، فتأخيرها عنها قطع للنظير عن نظيره ، ولما أردت أن أذكر شيئا من أحكام ربّ اقتضى ذلك تأخيرها لئلا يقع ذكر أحكامها فاصلا بين هذه الحروف ؛ وأيضا فإنني ذكرت حكم رب في الحذف وذكرت حكم بقية الحروف في ذلك ، فلو كانت رب مقدّمة كان ذلك أيضا قطعا للنظير عن النظير بالنسبة إلى الأحكام.
ثم قلت : ويجوز حذفها معه ، فيجب بقاء عملها ، وذلك بعد الواو كثير ، والفاء وبل قليل ، وحذف اللّام قبل كي ، وخافض أن وأنّ مطلقا.