ثم بينت أن حذف حرف الجر لا يختص بربّ ، بل يجوز في حرف آخر في موضع خاص ، وفي جميع الحروف في موضعين خاصين.
أما الأول ففي لام التعليل ؛ فإنها إذا جرّت كي المصدرية وصلتها جاز لك حذفها قياسا مطردا ، ولهذا تسمع النحويين يجيزون في نحو «جئت كي تكرمني» أن تكون [كي] تعليلية وأن مضمرة بعدها ، وأن تكون كي مصدرية واللام مقدّرة قبلها.
وأما الثاني فإذا كان المجرور أنّ وصلتها أو أن وصلتها ، فالأول كقولك «عجبت أنّك فاضل» أي : من أنك ، وقال الله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي) [البقرة ، ٢٥] (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا) [الجن ، ١٨] أي : بأن لهم جنات ، لأن المساجد لله ، والثاني كقولك «عجبت أن قام زيد» أي : من أن قام ، وقال الله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) [البقرة ، ١٥٨] أي : في أن يطوف بهما (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ) [الممتحنة ، ١] أي : لأن تؤمنوا وقيل في (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) [النساء ، ١٧٦] : أن الأصل لئلا تضلوا ؛ فحذفت اللام الجارة ولا النافية ، وقيل : الأصل كراهة أن تضلوا ؛ فحذف المضاف ، وهذا أسهل ، وقال الله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) [النساء ، ١٢٧] أي : في أن تنكحوهن ، أو عن أن تنكحوهن ، على خلاف في ذلك بين أهل التفسير.
______________________________________________________
الشاهد قوله :
* لا يشترى كتّانه وجهرمه*
والكتان : معروف ، والجهرم ـ بزنة جعفر ـ البساط
الإعراب : «بل» حرف نائب عن رب ، «بلد» مبتدأ ، مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد الذي هو رب المحذوف ، «ملء» مبتدأ ثان ، وملء مضاف و «الفجاج» مضاف إليه ، «قتمه» قتم : خبر المبتدأ الثاني. ويجوز في هذه الجملة العكس فيكون قتم مبتدأ ومثل خبره مقدما ، وقتم مضاف ، وضمير الغائب مضاف إليه ، وجملة هذا المبتدأ وخبره في محل رفع أو جر صفة لبلد ، «لا» نافية ، «يشترى» فعل مضارع مبني للمجهول «كتانه» كتان : نائب فاعل يشترى ، وكتان مضاف وضمير الغائب مضاف إليه ، وخبر المبتدأ الواقع بعد بل في بيت من أبيات القصيدة يقع بعد البيت الشاهد بكثير «انظر ديوان أراجيزه ص ١٥٠).