زيد» و «الضّاربو زيد» وقد تقدم شرحهنّ في فصل المحلى بأل (١) ؛ فأغنى ذلك عن إعادته ؛ فلذلك قلت : «إلا فيما استثنى» أي : إلا فيما تقدم لي استثناؤه.
ثم بينت بعد ذلك أن الإضافة قسمين : محضة ، وغير محضة.
وأن غير المحضة عبارة عما اجتمع فيها أمران : أمر في المضاف ، وهو كونه صفة ، وأمر في المضاف إليه ، وهو كونه معمولا لتلك الصفة ، وذلك يقع في ثلاثة أبواب : اسم الفاعل ، ك «ضارب زيد» واسم المفعول ، ك «معطى الدّينار» والصفة المشبهة ، ك «حسن الوجه» وهذه الإضافة لا يستفيد بها المضاف تعريفا ولا تخصيصا ، أما أنه لا يستفيد تعريفا فبالإجماع ، ويدل عليه أنك تصف به النكرة فتقول : «مررت برجل ضارب زيد» وقال الله تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة ، ٩٥] (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) [الأحقاف ، ٢٤] إن لم تعرب (ممطرنا) خبرا ثانيا ، ولا خبرا لمبتدأ محذوف ، وأما أنه لا يستفيد تخصيصا فهو الصحيح ، وزعم بعض المتأخرين أنه يستفيده ، بناء على أن «ضارب زيد» أخصّ من «ضارب» والجواب أن «ضارب زيد» ليس فرعا عن «ضارب» حتى تكون الإضافة قد أفادته التخصيص ، وإنما هو فرع عن «ضارب زيدا» بالتنوين والنصب ، فالتخصيص حاصل بالمعمول أضفت أم لم تضف.
وإنما سمّيت هذه الإضافة غير محضة لأنها في نية الانفصال ؛ إذ الأصل «ضارب زيدا» كما بيّنا ، وإنما سميت لفظية لأنها أفادت أمرا لفظيّا ، وهو التخفيف ؛ فإن «ضارب زيد» أخفّ من «ضارب زيدا».
وأن الإضافة المحضة عبارة عما انتفى منها الأمران المذكوران أو أحدهما ، مثال ذلك «غلام زيد» فإن الأمرين فيهما منتفيان ، و «ضرب زيد» فإن المضاف إليه وإن كان معمولا للمضاف لكن المضاف غير صفة ، و «ضارب زيد أمس» فإن المضاف وإن كان صفة لكن المضاف إليه ليس معمولا لها ؛ لأن اسم الفاعل لا يعمل إذا كان بمعنى الماضي ؛ فهذه الأمثلة الثلاثة وما أشبهها تسمى الإضافة فيها محضة ـ أي : خالصة من شائبة الانفصال ـ ومعنوية ، لأنها أفادت أمرا معنويّا ، وهو تعريف المضاف
__________________
(١) انظر (١٨٥ وما بعدها من هذا الكتاب).