ثم قلت : باب ـ المجزومات الأفعال المضارعة الدّاخل عليها جازم ، وهو ضربان : جازم لفعل ، وهو : لم ، ولمّا ، ولام الأمر ، ولا في النّهي ، وجازم لفعلين ، وهو أدوات الشّرط ، إن ، وإذ ما ، لمجرّد التّعليق ، وهما حرفان ، ومن للعاقل ، وما ومهما لغيره ، ومتى وأيّان للزّمان ، وأين وأنّى وحيثما للمكان ، وأيّ بحسب ما تضاف إليه ، ويسمّى أوّلهما شرطا ، ولا يكون ماضي المعنى ، ولا إنشاء ، ولا جامدا ، ولا مقرونا بتنفيس ، ولا قد ، ولا ناف غير لا ولم ، وثانيهما جوابا وجزاء.
وأقول : لما أنهيت القول في المجرورات شرعت في المجزومات ، وبهذا الباب تتم أنواع المعربات ، وبينت أن المجزومات هي الأفعال المضارعة الداخل عليها أداة من هذه الأدوات الخمسة عشر ، وأن هذه الأدوات ضربان :
(١) ما يجزم فعلا واحدا ، وهو أربعة : لم ، نحو (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الصمد ، ٣ و ٤] ولمّا ، نحو (لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) [عبس ، ٢٣] (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) [ص ، ٨] (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) [آل عمران ، ١٤٢] ولا
______________________________________________________
وهي الخارجة عما طلب إليها أن تكون عليه ، «جوائر» مائلات ، وهو جمع جائر أو جائرة.
الإعراب : «يسلكن» فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، ونون الإناث فاعله ، «في نجد» جار ومجرور متعلق بيسلك ، «وغورا» الواو عاطفة ، غورا : معطوف على الجار والمجرور باعتبار محله ؛ لأنه في المعنى مفعول به ؛ فمحله نصب على المفعولية ، «غائرا» صفة لغور ، «فواسقا» حال من فاعل يسلك ، «عن قصدها» الجار والمجرور متعلق بجوائر ، وقصد مضاف والضمير مضاف إليه ، «جوائرا» حال ثانية من نون النسوة.
الشّاهد فيه : قوله «غورا» حيث عطف بالنصب على الجار والمجرور ، وأنت تعرف أن المعطوف يجب أن يشارك المعطوف عليه في إعرابه ؛ فيسهل عليك أن تستدل بنصب المعطوف على أن المعطوف عليه منصوب ألبتة ، فإن لم يكن منصوبا في اللفظ تعين أن يكون منصوبا في المحل ، والسر في ذلك أن الجار والمجرور عند التحقيق هو مفعول به.
ومثل هذا الشاهد في ذلك قول جرير بن عطية يفخر على الفرزدق :
جئني بمثل بني بدر لقومهم |
|
أو مثل أسرة منظور بن سيّار |
الرواية بنصب «مثل» المعطوف بأو على محل قوله «بمثل».