السادس : ما هو متردّد بين الأقسام الأربعة ، وهي أيّ ؛ فإنها بحسب ما تضاف إليه ؛ فهي في قولك «أيّهم يقم أقم معه» من باب من ، وفي قولك : «أيّ الدّوابّ تركب أركب» من باب ما ، وفي قولك : «أيّ يوم تصم أصم» من باب متى ، وفي قولك : «أيّ مكان تجلس أجلس» من باب أين.
ثم بيّنت أن الفعل الأول يسمى شرطا ، وذلك لأنه علامة على وجود الفعل الثاني ، والعلامة تسمى شرطا ، قال الله تعالى : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) [محمد ، ١٨] [أي : علاماتها] والأشراط في الآية جمع شرط ـ بفتحتين ـ لا جمع شرط ـ بسكون الراء ـ لأن فعلا لا يجمع على أفعال قياسا إلا في معتل الوسط كأثواب وأبيات.
ثم بينت أن فعل الشرط يشترط فيه ستة أمور :
أحدها : أن لا يكون ماضي المعنى (١) ؛ فلا يجوز : «إن قام زيد أمس أقم معه».
______________________________________________________
(رقم ٣٣٨) والمؤلف في القطر (رقم ٣٨) والأشموني في جوازم المضارع.
اللّغة : «تستقم» تعتدل وتسر في الطريق المستقيم ، «يقدر» يريد يبلغك ويوصلك ، «نجاحا» ظفرا بما تحب ونيلا لما تريد ، «غابر الأزمان» باقيها.
الإعراب : «حيثما» اسم شرط جازم يجزم فعلين ، وهو مبني على الضم في محل نصب لأنه ظرف مكان ، وعامله قوله يقدر ، «تستقم» فعل مضارع فعل الشرط ، مجزوم بحيثما ، وعلامة جزمه السكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، «يقدر» فعل مضارع جواب الشرط ، مجزوم ، وعلامة جزمه السكون ، «لك» جار ومجرور متعلق بيقدر ، «الله» فاعل يقدر ، «نجاحا» مفعول به ليقدر ، «في غابر» جار ومجرور متعلق إما بيقدر وإما بمحذوف صفة لقوله نجاحا ، وغابر مضاف و «الأزمان» مضاف إليه.
الشّاهد فيه : قوله «حيثما تستقم يقدر» حيث جزم بحيثما فعلين : أولهما قوله تستقم ، وهو فعل الشرط ، وثانيهما قوله يقدر ، وهو جواب الشرط وجزاؤه.
__________________
(١) قد يكون الشرط والجواب مضارعين ، وهو الأصل ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ) وقد يكونان ماضيين نحو قوله سبحانه : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) وقد يكون الشرط ماضيا والجواب مضارعا نحو قوله جل شأنه : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) وقد يكون الشرط مضارعا والجواب ماضيا ، وخص الجمهور هذا النوع بالضرورة ، وذهب الفراء وابن مالك إلى جوازه في الاختيار ، وهو الذي نرجحه ، فقد وردت منه جملة صالحة من الشواهد : من ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام «من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له»