والحرف في الاصطلاح : ما دلّ على معنى في غيره ، وفي اللغة : طرف الشيء ، كحرف الجبل ، وفي التنزيل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) [الحج ، ١١] الآية ، أي : على طرف وجانب من الدين ، أي : لا يدخل فيه على ثبات وتمكّن ، فهو إن أصابه خير ـ من صحّة وكثرة مال ونحوهما ـ اطمأنّ به ، وإن أصابته فتنة ـ أي شرّ ، من مرض أو فقر أو نحوهما ـ انقلب على وجهه عنه.
والواو عاطفة ، و «من» جارة معناها التبعيض ، و «النّاس» مجرور بها ، واللام فيه لتعريف الجنس ، و «من» مبتدأ تقدّم خبره في الجار والمجرور ، و «يعبد» فعل مضارع مرفوع لخلوه من الناصب والجازم ، والفاعل مستتر عائد على «من» باعتبار لفظها ، و «الله» نصب بالفعل ، والجملة صلة لمن إن قدّرت من معرفة بمعنى الذي ، وصفة إن قدّرت نكرة بمعنى ناس ، وعلى الأول فلا موضع لها ، وكذا كل جملة وقعت صلة ، وعلى الثاني موضعها رفع ، وكذا كل صفة فإنها تتبع موصوفها ، و «على حرف» جار ومجرور في موضع نصب على الحال : أي : متطرّفا مستوفزا ، «فإن» الفاء عاطفة ، وإن : حرف شرط ، «أصابه» فعل ماض في موضع جزم لأنه فعل الشرط ، والهاء مفعول ، و «خير» فاعل ، و «اطمأنّ» فعل ماض ، والفاعل مستتر ، و «به» جار ومجرور متعلق باطمأنّ ، وقس على هذا بقية الآية.
وفيها قراءة غريبة وهي : «خسر الدّنيا والآخرة» بخفض «الآخرة» وتوجيهها أن «خسر» ليس فعلا مبنيّا على الفتح ، بل هو وصف معرب بمنزلة فهم وفطن ، وهو منصوب على الحال ، ونظيره قراءة الأعرج : «خاسر الدّنيا والآخرة» إلّا أن هذا اسم فاعل فلا يلتبس بالفعل ، وذلك صفة مشبهة على وزن الفعل فيلتبس به.
ثم قلت : فالاسم ما يقبل أل ، أو النّداء ، أو الإسناد إليه.
وأقول : ذكرت للاسم ثلاث علامات يتميز بها عن قسيميه : إحداها : «أل» (١).
__________________
(١) المراد «أل» التي تفيد التعريف ، أي التي. تفيد أن مدخولها معرفة بواسطتها ، فخرج بذلك «أل» الزائدة كالداخلة على التمييز في نحو قول الشاعر ، وهو رشيد بن شهاب اليشكري :