وشرط الحذف بعد النهي كون الجواب أمرا محبوبا كدخول الجنة والسلامة في قولك : «لا تكفر تدخل الجنة» و «لا تدن من الأسد تسلم» فلو كان أمرا مكروها كدخول النار وأكل السبع في قولك «لا تكفر تدخل النار» و «لا تدن من الأسد يأكلك» تعين الرفع ، خلافا للكسائي ، ولا دليل له في قراءة بعضهم (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) [المدثر ، ٦] ؛ لجواز أن يكون ذلك موصولا بنية الوقف وسهّل ذلك أن فيه تحصيلا لتناسب الأفعال المذكورة معه ، ولا يحسن أن يقدر بدلا مما قبله ، كما زعم بعضهم ، لاختلاف معنييهما وعدم دلالة الأول على الثاني.
ثم قلت : ويجب الاستغناء عن جواب الشّرط بدليله متقدّما لفظا نحو «هو ظالم إن فعل» أو نيّة نحو «إن قمت أقوم» ومن ثمّ امتنع في النثر «إن تقم أقوم» وبجواب ما تقدّم من شرط مطلقا ، أو قسم ، إلا إن سبقه ذو خبر ، فيجوز ترجيح الشّرط المؤخّر.
وأقول : حذف الجواب على ثلاثة أوجه :
(١) ممتنع ، وهو ما انتفى منه الشرطان المذكوران ، أو أحدهما.
(٢) وجائز ، وهو ما وجدا فيه ، ولم يكن الدليل الذي دلّ عليه جملة مذكورة في ذلك الكلام متقدمة الذكر لفظا أو تقديرا.
(٣) وواجب ، وهو ما كان دليله الجملة المذكورة.
فالمتقدمة لفظا كقولهم «أنت ظالم إن فعلت» (١) والمتقدمة تقديرا لها صورتان :
______________________________________________________
وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، «بعد» ظرف مبني على الضم في محل نصب متعلق بأحمى ، «عن عرض» جار ومجرور متعلق بأحمي «صحيح» صفة لعرض.
الشّاهد فيه : قوله «مكانك تحمدي» حيث جزم تحمدي في جواب شرط مدلول عليه باسم الفعل الدال على الأمر ، وتقدير الكلام : مكانك إن تثبتي تحمدي ، وليس بين العلماء خلاف في جواز جزم المضارع بعد اسم فعل الأمر إذا لم يكن المضارع مقترنا بالفاء ؛ كما في هذا الشاهد ، فافهم ذلك والله ينفعك به.
__________________
(١) اعلم أن النحويين قد اختلفوا في الجملة المتقدمة على أداة الشرط وفعله : أهي نفس الجواب ، أم هي دليل