والثانية : أن يتقدم على الشرط قسم نحو «والله إن جاءني لأكرمنّه» فإن قولك «لأكرمنّه» جواب القسم ، فهو في نية التقديم إلى جانبه ، وحذف جواب الشرط لدلالته عليه ، ويدلك على أن المذكور جواب القسم توكيد الفعل في نحو المثال ، ونحو قوله تعالى : (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) [الحشر ، ١٢] ورفعه في قوله تعالى : (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ.)
ثم أشرت إلى أنه ـ كما وجب الاستغناء بجواب القسم المتقدم ـ يجب العكس في نحو «إن يقم والله أقم» وأنه إذا تقدم عليهما شيء يطلب الخبر وجبت مراعاة الشرط ، تقدم أو تأخّر ، نحو «زيد والله إن يقم أقم».
ثم قلت : وجزم ما بعد فاء أو واو من فعل تال للشّرط أو الجواب قويّ ، ونصبه ضعيف ، ورفع تالي الجواب جائز.
وأقول : ختمت باب الجوازم بمسألتين : أولاهما يجوز فيها ثلاثة أوجه ، والثانية يجوز فيها وجهان ، وكلتاهما يكون الفعل فيها واقعا بعد الفاء أو الواو.
فأما مسألة الثلاثة الأوجه فضابطها أن يقع الفعل بعد الشرط والجزاء كقوله تعالى : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) [البقرة ، ٢٨٤] الآية ، قرئ (فيغفر) بالجزم على العطف ، و (فيغفر) بالرفع على الاستئناف ، و (فيغفر) بالنصب بإضمار أن ، وهو ضعيف ، وهي عن ابن عباس رضياللهعنهما.
وأما مسألة الوجهين فضابطها : أن يقع الفعل بين الشرط والجزاء كقولك : «إن تأتني وتمش إلىّ أكرمك» فالوجه الجزم ، ويجوز النصب كقوله :
١٧٦ ـ ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه |
|
ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما |
______________________________________________________
فقلت : تحمّل فوق طوقك ، إنّها |
|
مطبّعة ، من يأتها لا يضيرها |
١٧٦ ـ هذا بيت من الطويل ، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ، وهو من شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ٥١٤) وابن عقيل (رقم ٣٤٤).
اللّغة : «يقترب» «يدنو» ، «يخضع» يستكين ويذل ، «نؤوه» ننزله عندنا ، «هضما» ظلما وضياعا لحقوقه.