ومضافا لمفعول ذكر فاعله ضعيف (١).
وأقول : لما أنهيت حكم الفعل بالنسبة إلى الإعمال أردفته بما يعمل عمل الفعل من الأسماء ، وبدأت منها بالمصدر ؛ لأن الفعل مشتقّ منه على الصحيح.
واحترزت بقولي «الجاري على الفعل» من اسم المصدر ، فإنه وإن كان اسما دالّا على الحدث ، لكنه لا يجرى على الفعل ، وذلك نحو قولك : «أعطيت عطاء» فإن الذي يجري على أعطيت إنما هو إعطاء ، لأنه مستوف لحروفه ، وكذا «اغتسلت غسلا» (٢) بخلاف «اغتسل اغتسالا» وسيأتي شرح اسم المصدر بعد.
وأشرت بتمثيلي بضرب وإكرام إلى مثالي مصدر الثلاثي وغيره.
ومثال ما يخلفه فعل مع أن قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) [البقرة ، ٢٥١ والحج ، ٤٠] أي : ولو لا أن يدفع الله الناس ، أو أن دفع الله الناس ، ومثال ما يخلفه فعل مع ما قوله تعالى : (تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) [الروم ، ٢٨] أي : كما تخافون أنفسكم ، ومثال ما لا يخلفه فعل مع أحد هذين الحرفين قولهم «مررت به فإذا له صوت صوت حمار» إذ ليس المعنى على قولك : فإذا له أن صوّت ، أو أن يصوّت ، أو ما يصوت ؛ لأنك لم ترد بالمصدر الحدوث فيكون في تأويل الفعل ، وإنما أردت أنك مررت به وهو في حالة تصويت ، ولهذا قدروا للصوت الثاني ناصبا ، ولم يجعلوا صوتا الأول عاملا فيه.
وإنما كان عمل المنوّن أقيس لأنه يشبه الفعل بكونه نكرة.
وإنما كان إعمال المضاف للفاعل أكثر لأن نسبة الحدث لمن أوجده أظهر من نسبته لمن أوقع عليه ، ولأن الذي يظهر حينئذ إنما هو عمله في الفضلة ، ونظيره أنّ «لات» لما كانت ضعيفة عن العمل لم يظهروا عملها غالبا إلا في منصوبها.
وإنما كان إعمال المضاف للمفعول الذي ذكر فاعله ضعيفا لأن الذي يظهر حينئذ إنما هو عمله في العمدة ، ولقد غلا بعضهم فزعم في المضاف للمفعول ثم يذكر فاعله
__________________
(١) في نسخة «ومقرونا بأل ومضافا لمفعول قليل» بدون قوله «ذكر فاعله».
(٢) وكذلك : كلمته كلاما ، وسلمت عليه سلاما ، وأطعته طاعة ، وأطقت الأمر طاقة ، وأجبته جابة.