المعنى ؛ لأنه معموله الأصلي ، ولا يصح أن ترفعه على الفاعلية ـ والحالة هذه ـ لاستيفائه فاعله ، وهو الضمير ، فأشبه المفعول في قولك : «زيد ضارب عمرا» ؛ لأن ضاربا طالب له ، ولا يصح أن ترفعه على الفاعلية ، فنصب لذلك.
فالصفة مشبّهة باسم الفاعل المتعدي لواحد ، ومنصوبها يشبه مفعول اسم الفاعل ، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا التقدير.
ثم لك بعد ذلك أن تخفضه بالإضافة ، وتكون الصفة حينئذ مشبهة أيضا لأن الخفض ناشئ ـ على الأصح ـ عن النصب ، لا عن الرفع ؛ لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه ؛ إذ الصفة أبدا عين مرفوعها وغير منصوبها فافهمه.
وتفارق هذه الصفة اسم الفاعل من وجوه :
أحدها : أنها لا تكون إلا للحال ، وأعني به الماضي المستمر إلى زمن الحال ، واسم الفاعل يكون للماضي وللحال وللاستقبال.
والثاني : أن معمولها لا يكون إلا سببيّا ، وأعني به ما هو متصل بضمير الموصوف لفظا أو تقديرا ، واسم الفاعل يكون معموله سببيّا وأجنبيّا ؛ تقول في الصفة المشبهة : «زيد حسن وجهه» و «زيد حسن الوجه» أي : الوجه منه ، أو «وجهه» فهو إما على نيابة «أل» مناب الضمير المضاف إليه أو على حذف الضمير من غير نيابة عنه ، ولا تقول «زيد حسن عمرا» كما تقول : زيد ضارب عمرا.
الثالث : أن معمولها لا يكون إلا مؤخرا عنها ، تقول : «زيد حسن وجهه» ولا تقول «زيد وجهه حسن» ومعمول اسم الفاعل يكون مؤخرا عنه ومقدما عليه ، تقول «زيد غلامه ضارب» (١).
__________________
(١) قد جوز عامة العلماء أن نقول : «زيد بك فرح» على أن يكون «زيد» مبتدأ ، و «بك» جارّا ومجرورا متعلقا بفرح ، و «فرح» خبر المبتدأ ، وقد رووا أن العرب تقول مثل ذلك.
وقد ذهب ابن الناظم إلى أن تجويز العلماء ذلك ينقض ما اتفقوا عليه من أن معمول الصفة المشبهة لا يكون إلا سببيّا : أي اسما ظاهرا متصلا بضمير يعود على الموصوف لفظا أو تقديرا ، كما ينقض ما اتفقوا عليه أيضا من أن معمول الصفة المشبهة لا يقدم عليها ، وذلك لأن «بك» في المثال الذي ذكرناه ليس سببيّا ، وهو متقدم على الصفة المشبهة.