ومنها : أن المضارع لا ينصب في جواب الطّلبيّ منه ؛ لا تقول : «صه فأحدّثك» بالنصب (١) ، خلافا للكسائي أيضا ، نعم يجزم في جوابه ، كقوله :
______________________________________________________
الفعل المتأخر ، بل ولا هو معمول لاسم فعل آخر محذوف ، يفسره المذكور ويقع في التقدير قبل المعمول ؛ لأن اسم الفعل لا يعمل وهو محذوف أيضا ، ولكن هذا الاسم المنصوب معمول لفعل محذوف من معنى اسم الفعل كما قدرنا في الإعراب.
ومن العلماء من قال : إن «دلوي» مبتدأ ، و «دونك» اسم فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه
__________________
(١) اعلم أن بين الفعل واسم الفعل وجوها من الاتفاق ووجوها من الافتراق ، ونحن نذكر لك أهم الوجوه التي يتفقان فيها ، وأهم الوجوه التي يختلفان فيها ؛ فنقول :
يتفق اسم الفعل والفعل في ثلاثة وجوه :
الأول : دلالتهما جميعا على المعنى الواحد.
والثاني : أن كل اسم فعل يوافق الفعل الذي بمعناه في التعدي واللزوم غالبا ، ومن غير الغالب نحو «آمين» فإنه لم يحفظ عن العرب تعديه لمفعول ، مع أن الفعل الذي بمعناه ـ وهو استجب ـ يتعدى إلى مفعول به ، وكذا «إيه» فإنه لازم مع أن الفعل الذي بمعناه ـ وهو زد ـ متعد.
والثالث : أن كل اسم فعل يوافق الفعل الذي بمعناه في إظهار فاعله وإضماره.
ويفارق الفعل اسم الفعل في سبعة أمور :
الأول : أن الأفعال تبرز معها الضمائر ؛ فتقول : اسكت واسكتوا واسكتي ، واسم الفعل لا يبرز معه ضمير أصلا ؛ فتقول : صه بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث.
والثاني : أن مفعول الفعل يتقدم عليه ويتأخر عنه ؛ فتقول : خذ كتابك ، وتقول : كتابك خذ ، واسم الفعل لا يكون معموله إلا متأخرا عنه ، على الأرجح ؛ فتقول : دونك الكتاب ، ولا تقول : الكتاب دونك ، على أن يكون الكتاب مفعولا مقدما لدونك ، وقد ذكر المؤلف هذا الوجه.
والثالث : أن الفعل يعمل مذكورا أو محذوفا ، بل قد يجب حذفه وهو عامل في مذكور ؛ فتقول : لقيت محمدا ، وتقول : إذا محمدا لقيته فأكرمه ، وأما اسم الفعل فلا يعمل إلا مذكورا.
والرابع : أن الأفعال تتصرف ، وتختلف أبنيتها لاختلاف الزمان ؛ فتقول : سكت ويسكت واسكت ، وأما أسماء الأفعال فلا تتصرف ولا تختلف أبنيتها لاختلاف الزمان.
والخامس : أنه يجوز توكيد الفعل باسم الفعل ؛ فتقول : اسكت صه ، وانزل نزال ، ولا يجوز أن نؤكد اسم الفعل بالفعل ؛ فلا تقول : نزال انزل ، ولا صه اسكت.
والسادس : أن الفعل ينصب في جوابه إذا دل على الطلب ؛ فتقول : انزل فأكرمك ، ولا ينتصب المضارع في جواب اسم الفعل ولو دل على الطلب ، فلا تقول : نزال فنكرمك وقد ذكر المؤلف هذا الوجه.
والسابع : أن من النحاة من ذهب إلى أن الفعل أصل الاشتقاق ، وهم الكوفيون ولم يذهب أحد إلى أن اسم الفعل أصل الاشتقاق أصلا.