قلت : إذا وقع بعد أل ؛ فإنها موصولة والوصف صلة ، ولهذا حسن عطف الفعل عليه في قوله تعالى : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ) [الحديد ، ١٨].
ثم قلت : التّاسع اسم المصدر ، والمراد به اسم الجنس المنقول عن موضوعه إلى إفادة الحدث ، كالكلام والثّواب ، وإنما يعمله الكوفيّ والبغداديّ ، وأمّا نحو «مصابك الكافر حسن» فجائز إجماعا ؛ لأنه مصدر ، وعكسه نحو فجار وحماد.
وأقول : التاسع اسم المصدر ، وهو يطلق على ثلاثة أمور :
أحدها : ما يعمل اتفاقا ، وهو ما بدئ بميم زائدة لغير المفاعلة ، كالمضرب والمقتل ، وذلك لأنه مصدر في الحقيقة ، ويسمى المصدر الميميّ ، وإنما سمّوه أحيانا اسم مصدر تجوّزا ، ومن إعماله قول الشاعر :
٢١٨ ـ أظلوم إنّ مصابكم رجلا |
|
أهدى السّلام تحيّة ظلم |
الهمزة للنداء ، وظلوم : اسم امرأة منادى ، ومصابكم : اسم إن ، وهو مصدر
______________________________________________________
٢١٨ ـ هذا بيت من الكامل ، وقد نسب قوم ـ منهم الحريري في الدرة والمؤلف في مغني اللبيب ـ هذا الشاهد إلى العرجي ، ونسبه آخرون ـ وهو الصواب ـ إلى الحارث بن خالد المخزومي ، والبيت من شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ٣٩٦) ومن شواهد الأشموني (رقم ٨٦٣).
اللّغة : «ظلوم» أصله مبالغة ظالمة ، وقد يكون باقيا على أصل معناه وهو الوصف ، وقد يكون منقولا إلى اسم امرأة كما اختاره المؤلف ، «مصابكم» بضم الميم أوله ـ مصدر ميمي بمعنى الإصابة.
الإعراب : «أظلوم» الهمزة للنداء ، ظلوم : منادى مبني على الضم في محل نصب ، «إن» حرف توكيد ونصب ، «مصابكم» مصاب : مصدر ميمي ، وهو اسم إن ، ومصاب مضاف وضمير المخاطبين مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله ، «رجلا» مفعول به للمصدر الميمي ، «أهدى» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى رجل ، «السّلام» مفعول به ، «تحية» مفعول مطلق عامله أهدى ، ويجوز أن يكون مفعولا لأجله ، «ظلم» خبر إن ، وجملة أهدى مع فاعله ومفعوله في محل نصب صفة لرجل.
الشّاهد فيه : قوله «مصابكم رجلا» حيث أعمل المصدر الميمي ، الذي هو مصاب ، عمل الفعل ؛ فرفع به الفاعل الذي هو ضمير المخاطب ، ونصب به المفعول ، وهو قوله رجلا.