مثلنا ، ويستثنى من ذلك «أجمع» وما تصرّف منه ، فلا يضفن لضمير ؛ تقول : «اشتريت العبد كلّه أجمع» و «الأمة كلّها جمعاء» و «العبيد كلّهم أجمعين» و «الإماء كلّهن جمع».
ويجب في النفس والعين إذا أكد بهما أن يكونا مفردين مع المفرد ، نحو : «جاء زيد نفسه عينه» و «جاءت هند نفسها عينها» مجموعين مع الجمع ، نحو : «جاء الزّيدون أنفسهم أعينهم» و «الهندات أنفسهنّ أعينهنّ» ، وأما إذا أكد بهما المثنى ففيهما ثلاث لغات : أفصحها الجمع ؛ فتقول : «جاء الزّيدان أنفسهما أعينهما» ودونه الإفراد ، ودون الإفراد التثنية ، وهي الأوجه الجارية في قولك : «قطعت رؤوس الكبشين».
مسألة : قال بعض العلماء في قوله تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) [الحجر ، ٣٠] : فائدة ذكر «كل» رفع وهم من يتوهم أن الساجد البعض ، وفائدة ذكر «أجمعون» رفع وهم من يتوهم أنهم لم يسجدوا في وقت واحد ، بل سجدوا في وقتين مختلفين ، والأول صحيح ، والثاني باطل ؛ بدليل قوله تعالى : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [الحجر ، ٣٩ وص ، ٨٢] ؛ لأن إغواء الشيطان لهم ليس في وقت واحد ؛ فدلّ على أنّ «أجمعين» لا تعرّض فيه لاتحاد الوقت ، وإنما معناه كمعنى كل سواء ، وهو قول جمهور النحويين ، وإنما ذكر في الآية تأكيدا على تأكيد ، كما قال الله تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) [الطارق ، ١٧].
ثم قلت : الثّاني النّعت ، وهو : تابع مشتقّ أو مؤوّل به ، يفيد تخصيص متبوعه أو توضيحه أو مدحه أو ذمّه أو تأكيده أو التّرحّم عليه ، ويتبعه في واحد من أوجه الإعراب ، ومن التّعريف والتّنكير ، ولا يكون أخصّ منه ، فنحو «بالرّجل صاحبك»
______________________________________________________
وأما البصريون الذين منعوا توكيد النكرة مطلقا فقالوا : إن جميع ألفاظ التوكيد معرفة ، وإنه يجب أن يتوافق التوكيد والمؤكد في التعريف ؛ فلو جوزنا توكيد النكرة للزم اختلاف التوكيد والمؤكد.
فتلخيص الخلاف إذن هو أنه هل يشترط اتحاد التوكيد والمؤكد في التعريف؟ قال جمهور البصريين : نعم ، يشترط ذلك ، وقال جمهرة الكوفيين : لا يشترط ذلك ، وإنما يشترط حصول الفائدة ، وممن اختار مذهب الكوفيين ـ غير ابن مالك ـ المحقق الرضي والعلامة الشاطبي.