ثم قلت : الخامس : عطف النّسق ، وهو بالواو لمطلق الجمع ، وبالفاء للجمع والتّرتيب والتّعقيب ، وبثمّ للجمع والتّرتيب والمهلة ، وبحتى للجمع والغاية ، وبأم المتّصلة وهي : المسبوقة بهمزة التسوية أو بهمزة يطلب بها وبأم التّعيين ، وهي في غير ذلك [منقطعة] مختصّة بالجمل ومردافة لبل ، وقد تضمّن مع ذلك معنى الهمزة ، وبأو بعد الطّلب للتّخيير أو الإباحة ، وبعد الخبر للشّكّ أو التّشكيك أو التّقسيم ، وببل بعد النّفي أو النّهي لتقرير متلوّها وإثبات نقيضه لتاليها ، كلكن ، وبعد الإثبات والأمر لنفي حكم ما قبلها لما بعدها ، وبلا للنّفي.
ولا يعطف غالبا على ضمير رفع متّصل ولا يؤكّد بالنّفس أو بالعين إلّا بعد توكيده بمنفصل أو بعد فاصل ما ، ولا على ضمير خفض إلّا بإعادة الخافض.
وأقول : معنى كون الواو لمطلق الجمع : أنها لا تقتضي ترتيبا ولا عكسه ، ولا
______________________________________________________
اللّغة : «لا تقلواها» أراد لا تسوقا هذه الإبل سوقا شديدا يعجزها ؛ وتقول : قلا إبله يقلوها «إذا لم يرفق بها» وكان يعنف عليها إذا ساقها ، «ادلواها» وتقول : دلا الإبل يدلوها «إذا كان يسوقها سوقا خفيفا لا عنف فيه» ، «غدوا» بفتح الغين وسكون الدال ـ هو الغد ، والغد : أصله غدو ؛ فحذفت منه الواو لغير علة تصريفية ، وهو ما يسمى الحذف اعتباطا ، وقد ردها هذا الراجز إلى الأصل كما ردها لبيد بن ربيعة في قوله :
وما النّاس إلّا كالدّيار ، وأهلها |
|
بها يوم حلّوها ، وغدوا بلاقع |
الإعراب : «لا» ناهية ، «تقلواها» تقلوا : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية ؛ وعلامة جزمه حذف النون ، وألف الاثنين فاعل ، وضمير الغائبة العائد إلى الإبل مفعول به ، «وادلواها» الواو عاطفة ، ادلوا : فعل أمر ، مبني على حذف النون ، وألف الاثنين فاعل ، والضمير العائد إلى الإبل أيضا مفعول به ، «دلوا» مفعول مطلق ، «إن» حرف توكيد ونصب ، «مع» ظرف متعلق بمحذوف خبر إن تقدم على اسمه ، ومع مضاف و «اليوم» مضاف إليه ، «أخاه» أخا : اسم إن ، منصوب بالألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة ، وأخا مضاف وضمير الغائب العائد إلى اليوم مضاف إليه ، «غدوا» بدل من قوله أخاه ، وبدل المنصوب منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
الشّاهد فيه : قوله «أخاه غدوا» حيث أبدل النكرة ، وهي قوله «غدوا» من المعرفة وهي قوله «أخاه» وإنما كان معرفة لأنه اسم مضاف إلى الضمير ، وذلك ظاهر بأدنى تأمل.