لأكرمتك ، تريد بذلك أن الإكرام امتنع لوجود زيد ، و (دفع) مبتدأ مرفوع بالضمة ، واسم الله مضاف إليه ، ولفظه مجرور بالكسرة ، ومحله مرفوع لأنه فاعل الدّفع ، و (الناس) مفعول منصوب بالفتحة ، والناصب له الدّفع ؛ لأنه مصدر حالّ محلّ أن والفعل ، وكلّ مصدر كان كذلك فإنه يعمل عمل الفعل : أي ولو لا أن دفع الله الناس ، (بعضهم) بدل بعض من كلّ ، وهو منصوب بالفتحة ، وخبر المبتدأ محذوف وجوبا ، وكذا كل مبتدأ وقع بعد لو لا ، والتقدير : ولو لا دفع الله الناس موجود ، والمعنى : لو لا أن يدفع الله بعض الناس ببعض لغلب المفسدون وبطلت مصالح الأرض ، وقال أبو العلاء المعرّى فى صفة السيف :
١٢ ـ يذيب الرّعب منه كلّ عضب |
|
فلو لا الغمد يمسكه لسالا |
فآثر ذكر الخبر ، وهو «يمسكه».
ثم قلت : وخرج عن ذلك الأصل سبعة أبواب :
______________________________________________________
١٢ ـ هذا البيت من كلام أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري ، رهين المحبسين ، والفيلسوف الحكيم ، وهو أحد شعراء الدولة العباسية ، ولا يحتج بشعره على قواعد النحو والصرف ولا على مفردات اللغة ، وقد أنشد المؤلف هذا البيت في كتابه أوضح المسالك (رقم ٧٧) وذكر هناك أنه أخطأ في ذكر الخبر على ما هو رأي جمهرة النحاة ، وأنشده الأشموني (رقم ١٥٨) وأنشده ابن عقيل (رقم ٥٨) وسنذكر ما فيه.
اللّغة : «يذيب» مضارع من الإذابة ، وهي إسالة ما كان صلبا كالحديد ، «الرعب» الخوف الشديد ، «عضب» بفتح العين وسكون الضاد ـ هو السيف ، «الغمد» بكسرة فسكون ـ جفن السيف وقرابه.
المعنى : يقول إن سيفك لتهابه السيوف ، كما أن الرجال يهابونه ، وإن سيوف الناس تذوب في أغمادها هيبة لسيفك وخوفا منه ، ولو لا أن الأغماد تمسكها لسالت كما يسيل الماء.
الإعراب : «يذيب» فعل مضارع ، «الرعب» فاعل ، «منه» جار ومجرور متعلق بالرعب أو بمحذوف حال منه ، «كل» مفعول به ليذيب ، وكل مضاف و «عضب» مضاف إليه ، «لو لا» حرف يدل على امتناع الشيء لوجود غيره ، «الغمد» مبتدأ ، «يمسكه» يمسك : فعل مضارع فيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو فاعله ، والضمير البارز مفعوله ، والجملة من الفعل المضارع وفاعله ومفعوله