بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على نعمائه ، والشكر له على آلائه (١) ، وصلّى الله على سيدنا محمد واسطة عقد أنبيائه ، وعلى آله وصحبه وأوليائه.
أحمده ـ سبحانه ـ حمدا يكون سببا مدنيا من رضاه ، وأشكره شكرا يكون مقرّبا من الفوز بمغفرته.
وبعد ، فهذا كتاب «شذور الذهب ، في معرفة كلام العرب» وشرحه ، وهما من تصانيف العلامة المحقق ، فخر العربية ، وحامل لواء علمائها ، أفضل من صنّف من رجالات القرن الثامن الهجري في قواعد العربية والتطبيق عليها ، جمال الدين بن هشام الأنصاري ، وهذا الكتاب وشرحه صنو كتابه «قطر الندى ، وبلّ الصّدى» وشرحه ، صنفهما ابن هشام للذين شدوا من علم العربية شيئا يكون كالمقدمة لقراءتهما ، وكنا ندرسهما معا في الجامع الأزهر في فرقة دراسية واحدة ، وفي عام واحد ، وكنا نستوعبهما قراءة ودرسا ، ولم نجد في ذلك مشقة ولا عنتا.
وللكتابين في نفسي ذكريات لن يأتي عليها الزمان ؛ فقد تلقيتهما معا على شيخ واحد ، وكان ـ رحمهالله تعالى ـ مثالا للجدّ والإخلاص في التحصيل والإفهام وبعث الهمة على الاقتداء به ، فكان ذلك أحد البواعث على محبة الكتابين وتحصليهما ، ثم كان أشدّ البواعث إلى الكتابة عليهما وبعثهما.
وقد كان مما جرى به القدر أن رأت مشيخة الجامع الأزهر في نظامها الجديد (٢) تدريس هذين الكتابين لفرقتين دراسيتين ؛ فجعلت «قطر الندى» وشرحه للسنة الثالثة الإعدادية ، و «شذور الذهب» وشرحه للسنة الرابعة الإعدادية ، وقد كنت قدّمت لقراء العربية عامة ولأبنائي وإخواني من طلبة الأزهر وأساتذته خاصّة شرحا سهل العبارة فائق التحقيق على شرح قطر الندى ، فكان لزاما عليّ أن أعزّزه بشرح على «شذور الذهب» ليكون له أخا يدانيه في السهولة والتحقيق ، ويقرّب ما أغرب به ابن هشام ما
__________________
(١) الآلاء : النعم ، واحدها إلى ، بوزن رضا.
(٢) في سنة ١٩٣٥ الميلادية.