كِلاهُما)(١) [الإسراء ، ٢٣] ف (أحدهما) فاعل ، و (كلاهما) معطوف عليه ، والألف علامة لرفعه ؛ لأنه مضاف إلى الضمير ، ويقرأ (إمّا يبلغان) بالألف ؛ فالألف فاعل ، و (أحدهما) فاعل بفعل محذوف ، وتقديره : إن يبلغه أحدهما أو كلاهما ، وفائدة إعادة ذلك التوكيد ، وقيل : إن (أحدهما) بدل من الألف ، أو فاعل (يبلغان) على أن الألف علامة ، وليسا بشيء (٢) ، فتأمل ذلك.
فإن أضيفا إلى الظاهر كانا بالألف على كل حال ، وكان إعرابهما حينئذ بحركات مقدّرة في تلك الألف ، قال الله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) [الكهف ، ٣٣] أي : كل واحدة من الجنتين أعطت ثمرتها ولم تنقص منه شيئا ، ف (كلتا) مبتدأ ، و (آتَتْ أُكُلَها) فعل ماض ، والتاء علامة التأنيث ، وفاعله مستتر ، ومفعول ومضاف إليه ، والجملة خبر ، وعلامة الرفع في (كلتا) ضمة مقدرة على الألف ؛ فإنه مضاف للظاهر.
ثم قلت : الخامس جمع المذكّر السّالم ، كالزّيدون والمسلمون ؛ فإنه يرفع بالواو ، ويجرّ وينصب بالياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها.
وأقول : الباب الخامس مما خرج عن الأصل : جمع المذكر السالم ، واحترزت بالمذكر عن المؤنث كهندات وزينبات ، وبالسالم عن المكسّر كغلمان وزيود (٣).
وحكم هذا الجمع أنه يرفع بالواو نيابة عن الضمة ، ويجر وينصب بالياء المكسور
__________________
(١) أما أن جعل «أحدهما» بدلا ليس بشيء ؛ فلأنه يضعف المعنى ، وبيان ذلك أن البدل ـ كما هو معروف ـ هو الذي يكون مقصودا بالحكم ، فلو جعلناه بدلا لأفاد أن المقصود هو بلوغ أحدهما الكبر ، مع أن المقصود التوكيد والتعميم ، وهذا المعنى إنما يدل عليه جعل «أحدهما» فاعلا بفعل محذوف يدل عليه الفعل المذكور.
(٢) وأما أن جعله فاعلا ، مع وجود الألف وجعل الألف حرفا دالا على التثنية ليس بشيء أيضا ؛ فمن جهتين ؛ الأولى : أن لغة الجمهور من العرب لا تبيح ذلك ، لأنها تجرد الفعل من علامتي التثنية والجمع ، والجهة الثانية : أن لغة «أكلوني البراغيث» الضعيفة إنما تجيز لحاق علامة التثنية والجمع للفعل إذا كان فاعله مثنى أو مفردين عطف ثانيهما على الأول بالواو ، على خلاف في الأخير ، وما هنا ليس واحدا من هذين.
(٣) يسمى هذا النوع بعدة أسماء ، أولها «جمع المذكر السالم» والثاني «جمع السلامة لمذكر» والثالث «الجمع على حد المثنى» والمراد بحد المثنى طريقته ، وطريقته هي أنه يعرب بحرف من حروف العلة ـ وهذا الحرف في المثنى هو الألف في حالة الرفع ، والياء في حالة النصب والجر ـ وأنه يلحق به بعد حرف الإعراب نون ، وأن هذه النون تحذف عند الإضافة ، وإنما قيل «جمع المذكر» لأن المؤنث لا يجمع هذا الجمع ، سواء أكان مؤنثا في اللفظ